: الجهاد جهاد النفس والهوى الجهاد الدعوي .
الإنسان إذا شعر أنه في قلوب الناس هذه أكبر سعادة ، قال تعالى :
﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾
[ سورة النحل ]
قد تجد شخصاً ليس له أي عمل صالح ، هذا شخص مهمل ، لكن هناك إنسان بالتعبير الجديد له بصمات ، له آثار طيبة جداً فيمن حوله قال تعالى :
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
[ سورة الأنفال ]
يحول بين المرء وقلبه يعني أن الله عز وجل بينك وبين قلبك ، الخواطر كلها في علم الله ، لذلك قال العلماء : أمة محمد أمتان أمة الاستجابة وأمة التبليغ ، فالذين استجابوا هم خير أمة أخرجت للناس علة هذه الخيرية تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ، أما الذين لم يستجيبوا فهؤلاء أمة التبليغ ليس لهم فضل إطلاقاً على أي إنسان ، قال تعالى :
﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[ سورة المائدة ]
ألا تنطبق هذه الآية علينا تماماً ؟ قال تعالى :
﴿فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[ سورة المائدة ]
و لي كلمة أقولها دائماً وهي دقيقة : لقد هان أمر الله على المسلمين فهانوا على الله ، أوضحُ مثلٍ أنك تجد مسلماً من أسرة عريقة ، وترتدي نساؤه أحدث الأزياء وكذلك بناته . فهل من المعقول أن تخضع امرأة إلى مصمم أزياء يهودي بفرنسا ؟ أمعقول أن تكشف عن مفاتنها كي تكون مع أحدث صرعات الأزياء ؟ فإذا كان أمر الله قد هان علينا إلى هذه الدرجة فليتربصوا، فإن هان أمر الله عليهم هانوا على الله ، لذلك لا أحد يعتب على ما يصيبه .
لي صديق طبيب كان يتابع إذاعة أجنبية في منتصف الليل فسمع وقائع لقاء بين المفتي البوسني و بين شخص آخر باللغة الأجنبية . نقل لي ما قاله هذا المفتي بالضبط ، قال : لا ينبغي لإخوتنا في المشرق أن يعتبوا على الله من أجلنا فنحن لسنا مسلمين لأننا نشرب الخمر و نأكل الخنزير و نأتي الفواحش ، والآن عرفنا الله و الآن أصبحنا مسلمين ، أي بعد هذه الشدة أصبحوا مسلمين أي أنا ذكرت لكم أحد أخواننا الخطباء الكبار في الشام قال لي : ذهبت إلى بلد مسلم في أوروبا و ألقيت خطبة بأكبر مسجد ، قال لي : خمسة آلاف مصلٍ أمامي ، والله، من فمه إلى أذني و بكوا بكاء أثناء الخطبة فرآهم بعينه يفتحون أزرار المعاطف ويخرجون زجاجاتٍ يشربون منها ، فسأل : ما هذا ؟ قالوا له : هذا عرق ، ويشربه أحدهم ضمن المسجد لأنه تأثر جداً بالخطبة ، تأثر فشرب . و الله من فمه إلى أذني والخطيب من ألمع خطباء دمشق. هؤلاء المسلمون الذين تخلى الله عنهم ، في بقية البلاد الإسلامية هذه النساء الكاسيات العاريات ، الثياب الضيقة ، الثياب الفاضحة العطور ، كلهن بنات المسلمين أين آباؤهن ؟ أين أزواجهن ؟ أين أخوانهن ؟ فهان أمر الله علينا فهُنّا على الله قال تعالى :
﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾
[ سورة المائدة ]
و هذه الآية تنطبق علينا تمام الانطباق :
﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾
[ سورة المائدة ]
أيها الأخوة :
أي هذه الآية :
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ(24)
[ سورة الأنفال ]
الحياة الحقيقية ، الحياة الإنسانية ، الحياة التي تليق بالإنسان ، الحياة التي ينبغي أن يطمح لها الإنسان : الحياة المسعدة هي حياة الاستجابة إلى الله ، أيْ حياة طاعة الله ، فأنت حي بقدر استجابتك و تنقص هذه الحياة بقدر نقص استجابتك لله عز وجل ، و إن استجبت لله عز وجل فأنت من أمة الاستجابة هذه خير أمة أخرجت للناس أحد طلابي كان يوماً ببلد أوربي شرقي قال لي : الطائرة التي سيسافر عليها ستقلع الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، فركب سيارة من الفندق ، وأقسم بالله و هو عندي صادق ، فقال : الثلج بعلوّ ثلاثين إلى أربعين سنتمتراً في بوخارست والساعة الثانية بالليل وجد طابوراً طوله ثماينة كيلو مترات تقريباً مؤلف من أناسٍ واقفين فسأل : ماذا هناك ؟ قالوا له : أذاعوا بالإذاعة أنه سيتم توزيع لحم الساعة الثامنة صباحاً ، فمن الساعة الثانية وقف الناس والثلج بعلو خمسين سنتمتراً ليأخذ الرجل أو المرأة قطعة لحم ، هان أمر الله عليهم فهانوا على الله ، احفظوها فهذه عبارة ذهبية.
هان أمر الله عليهم فهانوا عليه ، فإذا عظّمت أمر الله فأنت غال على الله ، كرامتك غالية عليه، وقتك غال عنده ، أسرتك غالية كذلك كلما عظمت أمر الله كنت عند الله :
﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾
[ سورة القمر]
كلما عظمت أمره كنت قريباً منه و تولى أمرك و دافع عنك و طمأنك و أسعدك و وفقك و نصرك و حفظك هذا معنى قوله تعالى :
﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾
[ سورة الأنفال ]
معهم بالتوفيق و الحفظ و الرعاية و التوفيق ، و الشيء واضح قال تعالى :
﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾
[ سورة الأحزاب ]
محور الدرس قوله تعالى :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا
يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
[ سورة الأنفال ]
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
سألت طلاباً من طلابي يوماً من يذكر اسم تاجر كبير أو غني عاش في دمشق عام ألف وثمانمائة و ستةٍ و سبعين ؟ لم يستطع طالب أن يتذكر اسم رجل غني عاش في دمشق سنة كذا ، فأنا طمأنتهم و قلت لهم وأنا لا أعرف ، أما سيدنا صلاح الدين ، سيدنا عمر ، سيدنا خالد ، هؤلاء الأبطال وهؤلاء العلماء الكبار الإمام الشافعي ، الإمام الحنفي ، أبو حنيفة النعمان ، الإمام مالك ، الإمام ابن حنبل ، الصحابة الكرام أسماؤهم ملء السمع و البصر ، لذلك يجب على الإنسان أن يعمل عملاً يبقى على مر الأيام و هذه هي الصدقة الجارية .
و الحمد لله رب العالمين