جلست على أريكة تعبث بأزرار الهاتف، وفجأة رمت طفلتها الصغرى بجسدها عليها، سقط الهاتف على الأرض وتبعثر،انحنت لتجمع أجزاءه،بينما وقفت ابنتها وهي تراقب بصمت، همست بقول أسف،أخرستها الأم قبل أن تستمر في الاسترسال بالأسف، ضمتها إليها وجلستا معا وفجأة سألتها طفلتها :
-أمي كم سأتمم بالغد
ردت الأم :ستتمين العاشرة من عمرك.
-وهل هدا جيد؟
ضحكت الأم من سؤال ابنتها وردت :من الجيد أن تكوني في العاشرة من عمرك.
قبلتها ابنتها على خدها وهي تسأل: وكم عمرك أنت؟
- أنا؟في العاشرة من عمري
-تكذبين!!
-تعتقدين بأنني أكبر؟
-نعم فأنت أكبر مني بكثير.
-لكنني أحس أنني في مثل عمرك، ضعي أصابعك العشرة أمامي،فعلت البنت ما طلبته منها والدتها، أمسكت الأم بإصبع الأول وقالت:
هدا أنا في يومي الأول من ولادتي، أتعلمين أين ولدت؟
-أين؟
-في ساحة عمومية، جئت قبل موعد ولادتي بأسبوعين،كان الزحام شديد، ناس يأتون وآخرون يرحلون، وفجأة فاجأت أمي بقدومي،لم تدري مادا تفعل، جلست على مقعد وبدأت في الصراخ، التف حولها النساء والرجال، طلبت النسوة من الرجال المغادرة،البعض منهم لم يغادر، ربما أرادوا أن يعلموا كيف يكون قدوم طفل لهدا العالم،من الزحام ألقت امرأة بشالها على جسد أمي الراقد على الأرض وبعد صرخات وطلقات جئت،لفوني في شال تلك السيدة التي أتت من الزحام وغابت في الزحام من جديد .
الآن دور الإصبع الثاني ،أوقفت الطفلة إصبعها الثاني وقالت الأم ،أنا هنا في الثانية من العمر، كل إصبع من كفيك هو بمثابة سنتين من عمري ،
في إصبعك الثاني، كنت أجلس على حجر أمي، وفجأة أصبح حجرها جامدا جدا ،القت بجسدها على حجري وأنا طفلة الثانية، لم أستطع أن أعيدها لمكانها كل ما إستطعت فعله أنني صرخت وكففت بعدها على الصراخ.
في إصبعك الثالث، أنا في السادسة من العمر، بجانب إمرأة دخلت حياتي عنوة، لم تكن أما لي ولا كنت إبنتها أبدا .في إصبعك الرابع كنت في الثامنة من العمر، أقف وسط البهو، أغسل، أكنس، أرتب. في إصبعك الخامس كنت في العاشرة من العمر، أما لأخوة تخلت عنهم والدتهم .في إصبعك السادس، كنت في الثانية عشر من العمر، أقف بجانب إمرأة ثالثة، حاولت بجهد أن تملئ مكان المرأة الثانية، لكنها نسيت أن تملئ مكان أمي، تلك المرأة التي تركت مكانها فارغا بقلبي لم يملئه أحد. في إصبعك السابع ،كنت في الرابعة عشر من عمري، أتهيئ لدخول الحياة ،حياة لم أعرف كيف أعيشها من قبل. وفي إصبعك الثامن كنت في السادسة عشر من عمري، أجادل أتحدث بما عجزت عن قوله. في إصبعك التاسع، كنت في الثامنة عشر من عمري، أجلس مغمضة العينين بجانب رجل إختارته لي زوجة ابي، بعدما ملت من حديثي المستمر حول كل شيء، وقبل إصبعك العاشر كنت في بطني ،وفي إصبعك العاشر كنت قد جئت للوجود، وجئت معك طفلة من جديد، أعيش حياتك، ألعب بلعبك، أقرأ قصصك قبل النوم، وأتعلم، أتعلم من جديد كيف أكبر، لدلك لا تسأليني أبدا عن سني فأنا مازلت في العاشرة بعد .