الأنثروبولوجيا الاجتماعية
Social Anthropology
الأنثروبولوجيا الاجتماعية هي ذلك الفرع من علم الإنسان الذي يتناول المؤسسات الاجتماعية للشعوب البدائية والشعب، وتمثل الأنثروبولوجيا الاجتماعية في بعض البلاد – مثل بريطانيا العظمى وفنلندة – علماً مستقلاً، على حين تعد في بلاد أخرى – مثل الولايات المتحدة – اتجاهاً معيناً في البحث داخل ميدان الأنثروبولوجيا الأعم. وتتباين تعريفات ميدان الأنثروبولوجيا الاجتماعية تبايناً كبيراً من بلد لآخر كما يتضح من العرض التالي.
بدأت الأنثروبولوجيا الاجتماعية في إنكلترا عام 1906 بتعيين السير جيمس فريزر Frazer أستاذاً للأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة ليفربول. وقد عرّف موضوعه بأنه ذلك الفرع من علم الاجتماع الذي يدرس الشعوب البدائية. وكرر مالينوفسكي هذا التعريف للأنثروبولوجيا الاجتماعية فيما بعد. ولكن في حين طبق فريزر وجهات نظر تاريخية في بحوثه، فإن مالينوفسكي كان وظيفياً لا يهتم بالبحث التاريخي. وينطبق نفس هذا الكلام إلى حد كبير على راد كليف براون، فهو يعرف الأنثروبولوجيا الاجتماعية بأنها (الدراسة النظرية المقارنة لأشكال الحياة الاجتماعية عند الشعوب البدائية). وكان قد وصف الأنثروبولوجيا الاجتماعية في دراسة سابقة (عام 1923) بأنها: (الدراسة التي تسعى إلى وضع القوانين العامة التي تحكم الظواهر الثقافية). أما التعريف التالي فيعد أصدق تعبيراً عن آرائه: - (.. تختص الأنثروبولوجيا الاجتماعية بأشكال الارتباط association أو التكامل الاجتماعي في المجتمعات البدائية، ساعية بذلك إلى الوصول إلى تفهم تنوعاتها، وتقصّي ظروف استقرار الأنساق الاجتماعية بوصفها أنساقاً لتكامل الأفراد). ويجيز معظم علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية البريطانيين اليوم هذا الرأي، فيما عدا إيفانز بريتشارد Evans – Pritchard الذي استبدل الاتجاه التصنيفي المقارن (بالتكامل الوصفي التاريخي).
وقد نقل وستر مارك E. Westermmarck الأنثروبولوجيا الاجتماعية إلى فنلندة. ويعد الاتجاه المزدوج الوظيفي والتاريخي هو السمة المميزة لمدرسته. ويقرر وستر مارك نفسه أن الأنثروبولوجيا الاجتماهي هي فرع من علم الاجتماع، ويقول: - (لقد عرفت بأنها دراسة ثقافات الشعوب غير الأوروبية، وخاصة تلك التي ليس لها تاريخ مكتوب. إلا أنني لا أجد مبرراً نظرياً لأن نستبعد منها: الفولكلور أو التراث الشفاهي الخاص بفلاحي أوروبا الأميين الذين يتميزون بنواحي تشابه عديدة مع ثقافات الشعوب غير المتحضرة) كما يعد فيكمان K.R. Wikman الأنثروبولوجيا الاجتماعية فرعاً من علم الاجتماع: (ليس لمجرد اهتمامها بالحضارة كعامل اجتماعي، ولكن – بدرجة أكبر – لأنها تتناول ظواهر اجتماعية مرتبطة طرازياً بالحضارة) ويؤكد علاوة على هذا أنها تهتم في المقام الأول بالمؤسسات، والعادات، والطقوس.
أما الأنثروبولوجيا الاجتماعية الأمريكية فهي مجرد اتجاه داخل الأنثروبولوجيا الأمريكية، وكان راد كليف براون قد أرسى قواعدها في أثناء عمله بجامعة شيكاغو في ثلاثينات هذا القرن. وتنص لوائح هذه الجامعة على أن الأنثروبولوجيين الاجتماعيين يدرسون: (طبيعة المجتمع البشري والثقافة عن طريق المقارنة المنهجية بين المجتمعات)، وذلك سواء أكانت هذه المجتمعات أمية أو غربية حديثة. أما مارجريت ميد M. Mad فقد قدمت نظرة أوسع حيث سوَّت بين الأنثروبولوجيا الاجتماعية والأنثروبولوجيا الثقافية إذ تستهدف كلتاهما تفهم عمليات السلوك البشري.
وفي السويد يقرر إريكسون أن الأنثروبولوجيا الاجتماعية تطابق هناك كلا من الإثنولوجيا العامة ودراسة الحياة الشعبية. وينتهي إلى أن دراسة الحياة الشعبية كانت متجهة منذ البداية نحو مشكلات سوسيولوجية. ويمكننا أن نصف غيرها من الفروع الأوروبية كالإثنولوجيا الإقليمية بنفس الصفة.