تعيش الطحالب هائمة وتتكاثر بدرجة كبيرة في المياه العذبة والبحار والمحيطات، وقد أظهرت الأبحاث العلمية الحديثة أن بعض أنواع الطحالب تفرز سمومًا تتراكم في أنسجة الأسماك والرخويات والقشريات، كما تبين أن تلوث مثل هذه الأسماك بسموم الطحالب يمكن أن يسبب تسممًا مميتًا للبشر عند تناولهم الأسماك الملوثة.
أما من يحالفه الحظ من هؤلاء ويستعيد عافيته إثر هذا التسمم، فيمكن أن ينتكس لسنوات طويلة تالية بأعراض تشبه الملاريا!
وقد تم تحديد خمسة أنواع للتسمم الناتج عن تناول أسماك ورخويات وقشريات ملوثة بسموم الطحالب في معظم دول العالم، منها التسمم المسبب لفقد الذاكرة Amnesic shellfish poisoning الذي يقع نتيجة تناول الأسماك
المحارية الرخوية molluscan shellfish التي يكون مصدرها البحار أو المحيطات.
وتتمثل أعراض التسمم بحامض الدومويك في فقد الذاكرة وصعوبة التنفس، ويمكن أن ينتهي بالوفاة في حالة ما إذا كانت الجرعات عالية!
أما تسمم الأسماك المسبب للإسهال Diahrretic shellfish poisoning فيرتبط بتناول الإنسان للأسماك المحارية الملوثة بسموم حامض الأوكاديك ومشتقاته.
وتظهر أعراض التسمم هنا في صورة إسهال وحالات إغماء وقيء، وكذلك ألم وتقلصات متوسطة أو حادة في البطن وقشعريرة. غير أنه لم تسجل حالات وفاة من هذا النوع من التسمم حتى الآن في أي دولة من دول العالم.
هناك أيضا تسمم الأسماك العصبي Neurotoxic shell fish poisoning الذي تظهر أعراض التسمم به في غضون ثلاث ساعات من تناول الأكلات الملوثة بهذه السموم، والتي تشمل وخزًا tingling خفيفًا يبدأ في الوجه ثم ينتشر إلي باقي أجزاء الجسم، وكذلك الشعور بالبرد والحر بالتناوب وأحيانًا تظهر أعراض شبيهة بتلك التي تنتاب السكارى!
وبالرغم من أن تسمم الأسماك المسبب للشلل Paralytic shell
fish poisoning يرتبط بالأسماك المحارية، إلا أن الباحثين
اكتشفوا مؤخرًا أن أسماك الماكريل mackerel وجراد البحر lob
ster قد تكون سببًا لهذا المرض أيضًا.
وتشمل أعراض التسمم في هذه الحالة فقدان الحس numbness والشعور بحرقان في الشفتين واللسان والوجه وأطراف الأصابع، كما يمكن أن يؤدي إلي فقدان الحركة، وقد تؤدي حالات التسمم الحادة الي توقف التنفس الذي ينتهي بالشلل أو الوفاة.
من ذلك أيضًا التسمم السيكواتيري Ciguatera fish poi soning والذي فيه ينتقل سم السيكواترا إلي الإنسان من خلال تناول الأسماك الزعنفية finfish.
وتكمن أعراض التسمم بالسيكواترا في الإسهال وآلام البطن وحالات القيء والإغماء والشعور بالبرد والحر بالتناوب وكذلك حكة وهرش شديد. أما حالات الوفاة فهي نادرة.
نتطرق أخيرًا إلى التسمم بالفيستيريا Pfiesteria poi soning الذي يعتبر نوعًا من الكائنات وحيدة الخلية لا لون له، مع ملاحظة أن هذا النوع من الطحالب لا يكون سامًا في غياب الأسماك، ولكن عندما يستشعر بوجودها فإنه سرعان ما يفرز سمومه التي تؤدي إلى تآكل جلد السمك وتلف جهازها العصبي، ومن ثم تصبح هذه الأسماك ضعيفة وعرضة لهجمات الميكروبات الأخرى ،
أكثر من ذلك فإن «الفيستيريا» تنتج سمًا ضارًا بالأعصاب ينتشر كهباء جويaerosol يؤدي إلي الالتهاب الرئوي وحكة وحرقة في العيون.
لعل الخلاصة التي نخرج بها من هذا العرض الموجز أن علينا جميعًا توخي الحذر والحيطة عند تناول الأكلات البحرية، وخصوصًا عندما يتم الصيد من مناطق تكون فيها الشواطئ ملوثة بالازدهارات الطحلبية Red tides ، مع ضرورة أن تقوم الجهات المختصة بعمليات فحص دوري لسموم الطحالب في الأكلات البحرية، بما في ذلك الأسماك والرخويات والقشريات.