مدينة زغوان
تقع مدينة زغوان على بعد حوالي 50 كم من العاصمة تونس، وحوالي 35 كم
من القطب السّياحيّ السّاحليّ الحمّامات. وتعتبر أحد أجمل الوجهات السّياحيّة في تونس.
تشتهر زغوان خاصّة بثروتها الطّبيعيّة المنجميّة والمائيّة من الطّراز الأوّل. وقد ساهمت هذه الثّروة في
جذب البربر أوّلا إلى هذه المنطقة، ثمّ الرّومان الّذي أبهرهم الموقع فشيّدوا فيه زيكوا
(مصطلح لاتينيّ يتعلّق بالماء)، ثمّ المورسكيّين اللاّجئين من الأندلس بداية من سنة 1609 م.
جبل زغوان
تقع مدينة زغوان تحت المنحدر الشمالي لجبل ينتمي إلى سلسلة الظّهريّة التّونسيّة ويبلغ ارتفاعه 1295 م.،
وهو بذلك ثالث أعلى جبال تونس. كما يعتبر جبل زغوان حديقة وطنيّة تأوي وتحمي أكثر من 670 نوعا
نباتيّا، بعضها نادر وبعضها متوطّن في تونس. ويأوي الجبل كذلك 93 نوعا حيوانيّا أغلبها طيور معشّشة.
عند زيارتكم لهذه الحديقة الوطنيّة، ستكون لكم فرصة التّمتّع بمنظر طبيعيّ أخّاذ يحبس الأنفاس،
كما ستكون لكم فرصة مشاهدة الأنواع النّباتيّة الّتي تحويها عن كثب،
بينما قد يكون من الصّعب بمكانٍ ملاحظة الأنواع الحيوانيّة في محيطها الطّبيعي.
وعلى كلّ حال، فمن الأفضل زيارة المتحف البيئيّ الّذي يقدّم لكم فكرة
واضحة عن مختلف مكوّنات النّظام البيئيّ لجبل زغوان.
ولهواة رياضات الطّبيعة فضاؤهم أيضا في جبل زغوان، إذ فيه تتواجد مسالك ومنحدرات وكهوف
وتجاويف صخريّة وقمم عديدة تسمح بممارسة رياضات عديدة كالتّجوال والتّسلّق والاستغوار.
معبد المياه
إنّ معبد المياه جزء أساسيّ في المشهد العامّ للحديقة الوطنيّة بجبل زغوان. وكما يدلّ اسمه،
فقد شيّده الرّومان لعبادة المياه. ويتألّف المعبد من حجرة مقدّسة تعظّم نبتون، إله المياه،
ومن كوّات متجاورة على الجانبين كانت بها تماثيل تجسّد حوريّات الماء الاثنتي عشر.
أمّا إلى الأسفل قليلا، فيوجد حوض كانت تتجمّع فيه في الماضي مياه أربعة ينابيع تتدفّق في الجوار،
وهي تغذّي اليوم مدينة زغوان. ويمثّل هذا الحوض نقطة انطلاق مجمع مائيّ
عظيم كان يجرّ الماء من زغوان إلى مدينة قرطاج عبر قناة يبلغ طولها 123 كم.
الحمّامات ومياه الينابيع
تحتوي زغوان على عدد كبير من الحمّامات المشهورة بجودة مياهها المتأتّيّة من الينابيع المتعدّدة
بالمنطقة، الحارّة والباردة على حدّ السّواء. ومن أهمّ هذه الحمّامات حمّام الزّريبة،
وهو حمّام ساخن ذو قيمة استشفائيّة عالية، ويقع على بعد 8 كم جنوب مدينة زغوان.
وعندما تمرّ بزغوان، فيجب أن لا تنسى أن تتزوّد من مياه العيون العذبة الّتي توزّع مجانا في حنفيّات
عموميّة (السّبيل) مهيّأة في كلّ مكان في المدينة. ولكن تبقى المياه الأعذب بينها
مياه الحنفيّة القريبة من زاوية سيدي علي عزّوز، الوليّ الصّالح الأشهر في المدينة.
التّأثير الأندلسيّ
عندما تكون بوسط مدينة زغوان، يمكنك أن تلاحظ بسهولة البصمة الّتي تركها الأندلسيّون في القرن
السّابع عشر ؛ فهناك تترابط السّاحات الصّغيرة ببعضها عبر أزقّة مرصوفة بالحجارة،
وهناك تتراصف المحلاّت الصّغيرة جنبا إلى جنب على حافّة الطّريق.
وتلخّص زاوية سيدي علي عزّوز المعروفة بقبّتها الهرميّة المغلّفة بالقرميد الأخضر النّمط المعماريّ الأندلسيّ.
كما أنّ النّوافذ الّتي تفتح على الشّوارع تدلّ على مرور الأندلسيّين من هنا. وعلاوة على ذلك، فإنّ الخشب
المنحوت والجصّ المحفور والخزف الملوّن المطليّ الّتي تزيّن المعلم هي عبارة
عن حرف أتى بها الأندلسيّون، فتركت تأثيرها الواضح في المعمار التّونسيّ.
النّسرين
لا يظهر تأثير الأندلسيّين في تخطيط المدينة والمعمار فقط، بل يبرز كذلك في الفلاحة ؛ فقد أتى هؤلاء
بتقنيّات جديدة لزراعة الأشجار المثمرة، ونخصّ بالذّكر النّسرين الأبيض
الّذي ينتمي إلى عائلة الورد، والّذي تختصّ في إنتاجه زغوان.
ويتمّ جني النّسرين في الرّبيع، فيقام بالمناسبة مهرجان النّسري
(وهو الإسم المحلّيّ الّذي يطلق على هذه النّبتة) في موفّى شهر ماي من كلّ سنة.
وفي زغوان، يقترن استعمال النّسرين بفنّ الطّبخ ؛ فمن ثمرته يُصنع المعجون، ومن زهرته يُقطّر العطر.
ويستعمل ماء النّسرين خاصّة لتعطير عجينة اللّوز الّتي تصنع منها حلويّات صغيرة
تعرف بكعك الورقة، وهي حلويّات تختصّ في بيعها عديد المحلاّت في المدينة