[rtl]وهو استغلال رجال الطرق لبساطته العامة وابتزازهم لأموالهم. وهو أمر جعلهم يسلطون على الشعب الجزائري الفقر والجهل معا. وعن ذلك يقول:[/rtl]
[rtl]فما (الطرق) في هذا الزمان مجادة ولكنها يبغي بها أهلها الرزقا[/rtl]
[rtl]تجارة قوم عاجزين، سبيلهم سبيل ضلال جانب العلم والصدقا[/rtl]
[rtl]وشيخهم الأتقى (الولى) بزعمه إذا ما رأى مالا أمال لع عنقا[/rtl]
[rtl]أولئك عباد الدراهم ويلهم سيمحقهم ربي وأموالهم محقا[/rtl]
[rtl]متى ألقهم، أبصر شياطين فتنة ويا ليت أني لا أراهم ولا ألقى[/rtl]
[rtl]قد انتشروا بالغنى في كل بلدة فلم يتركوا غربا ولم يتركوا شرقا [/rtl]
[rtl] وفي آفاق الحركة الإصلاحية ووسائل ذيوعها وانتشارها خلقت القصيدة الدينية منفسة عن ذلك عما تجده من مطاردة المستعمر والتجمعات الوطنية وخلقه للحريات وكثيرا ما كانت القصيدة المهتمة بهذا الموضوع تبرز وجه الجزائر الحقيقي قومية ووطنية. وتأتي المناسبات الدينية في صدارة تلك الموسم للقائها الوثيق بأهداف الإصلاح فتقام الحفلات العيدية والمولودية للرجوع بها إلى منبعها الأصيل. وهي غالبا تكون فرصة الالتفات إلى الماضي واستحضار مواقفه المجيدة ومقارنتها في تفجع مرير بالحالة الراهنة، أو تكون استصراخ لأبطال التاريخ الإسلامي واستجاد بأيامهم البطولية في وجه الظلم والطغيان وفي كل ذلك تحفيز للهمم وبعث للنخوة وإيقاد للنزعة الوطنية في النفوس، وهذا محمد الهادي السنوسي يغمر نفسه الأمل بمناسبة المولد الشريف قائلا:" بأن الجذوة الإسلامية لم تنطفئ في نفسه وستبقى تستمر حرارتها، من هذه الصلة التي تربطه بالماضي في سبيل مستقبل أفضل وذلك حيث يقول:[/rtl]
[rtl]هلالك يا فخر العروبة لم يزل كما كان لكن خانه الطعن والضرب [/rtl]
[rtl]مضت نجده القوم السراة وودعت كأنت لم يكن من بيننا رجل ندب[/rtl]
[rtl]وأنا وإن هنا وهانت ديارنا هوانا فمازلنا إلى عزة نصبو [/rtl]
[rtl]إذا كان سعدا للعروبة طالعا فإنا_ وإن غارت طوالعنا_ عرب[/rtl]
[rtl]والشاعر محمد العيد آل خليفة يتناول موضوع المولد من زاوية أخرى، هو الآخر تختلف عن تلك المعاني الرتيبة التي كانت مظهرا في قصيدة المدح المعروفة، فهو يركز في قصيدته المولودية التي كتبها كنشيد مدرسي على جانب الجهاد من حياة الرسول (ص) ويقف مليا عند غزواته وفتوحاته معبرا بطريقة غير مباشرة عن مطامح الشعب الجزائري وهو يعاني من الحكم الأجنبي، ومحمد العيد آل خليفة يتجه بكب هذه المعاني المشاعر النابضة إلى طلائع المستقبل. [/rtl]
[rtl]بمحمد أتعلق وبخلقه أتخلق[/rtl]
[rtl]إن التعلق بالرسو ل ودينه بي أليق [/rtl]
[rtl]يا قائد في الحرب صف جنوده لا يخرق [/rtl]
[rtl]لي أسوة في دفا عك يوم خط الخندق[/rtl]
[rtl]أنا نبلة يرمي بها صدر العدو ويرشق[/rtl]
[rtl]أنا صارم في وجه من يبغي ابتلاعك يمشق [/rtl]
[rtl]إن الذي يبغي (اندما جك) في سواك لأحمق [/rtl]
[rtl]لا ينمحي شعب بشا رات الرسول مطوق [/rtl]
[rtl] وكذلك كان الشعراء في كل المناسبات الدينية المعروفة يتناولها من هذا الجانب مما جعلنا نقول بأن شعراء الحركة الإصلاحية لم يتناولوا موضوع المناسبات الدينية تناولا دينيا صرفا إنما أعطوه بعدا قوميا ووطنيا سياسيا، ولم يقف الشعر في هذه المناسبات العارضة وإنما تجاوزها إلى أحداث بارزة تعم العالم الإسلامي، مؤكدا من خلالها ارتباطه الروحي بهذا العالم وانفصامه عما يريده له المستعمر من تذويب وإدماج. فنجد في الشعر إتماما ملحوظا بالحركة الوهابية التي ظهرت في الحجاز، وقد وجد فيها شعراء الحركة الإصلاحية شبيها بحركتهم لأنها تحارب البدع والضلالات وتدعو للرجوع للكتاب والسنة مما جعل المستعمر يتهم الحركة الإصلاحية في الجزائر بالصلة العملية بالحركة الوهابية ولاسيما في شخصية "الطيب العقبي" الذي أقام بالحجاز طويلا، ونجد الاهتمام نفسه بشخصية الزعيم "مصطفى كامل أتاترك" في تلك الحقبة التي تدهورت فيها الخلافة الإسلامية. فقد لمست فيه الزعيم القائد الحازم الذي استطاع أن يجعل حدا للانحراف الديني، وينقذ تركيا من هوة سحيقة، حتى أن بعض الكتاب الإصلاحيين نجد[/rtl]
[rtl]هم يتجاوزون عن كل الأخطاء التي ارتكبتها أتاترك مقابل إنقاذ هذا الرمز من الاستعمار الغربي، وهكذا نرى كيف أن الشعر الجزائري الحديث اتخذ من الدين الحنيف المناسبات الدينية وللزعماء الدينين مادة رئيسية يلقي الشاعر لها شعوره بخطورة ما آلت إليه حرب الاستعمار والصليبية من بطش ودهاء، ولقد تفجرت عواطف الشعراء حول هذه الموضوعات بنبض من الأسى والألم ولكن بنبض أقوى من الإيمان بالمستقبل والتفاعل بالغد الأفضل.
[/rtl]