محاكاة للكون بمجرات حقيقية

سيحصل فريق دولي من علماء الفلك على رؤى جديدة عن تطور المجرات


قام فريق دولي من علماء الفلك، من جامعتي لايدن في هولندا ودورهام في المملكة المتحدة، يقوده البروفسور جوب شي (Joop Schaye) من جامعة لايدن، بتطوير محاكاة للكون يتم فيها خلق مجرات حقيقية؛ أعمارها وكتلها وأحجامها مشابهةٌ للمجرات التي نرصدها؛ وينتج هذا التشابه عن عملية محاكاة الرياح المجرية القوية – الرياح الغازية التي تقذفها المجرات.


احتاجت هذه المحاكاة بضعة أشهر من أجل إجرائها على "الآلة الكونية" الموجودة في دورهام وفي "كوري" بباريس، وهذه الآلة واحدة من بين أكبر الحواسيب الموجودة في العالم والتي تستخدم من أجل الأبحاث العلمية في كلِ من المملكة المتحدة وفرنسا على الترتيب.


يستطيع علماء الفلك اليوم استخدام النتائج لدراسة تطور المجرات بدءاً من 14 مليار عام مضى حتى الآن؛ وستُنشر النتائج في فاتح كانون الثاني/يناير في الملاحظات الشهرية للجمعية الملكية لعلم الفلك.


على مدار أعوام، درس علماء الفلك تشكل المجرات باستخدام عمليات المحاكاة الحاسوبية، لكن النجاح كان محدوداً؛ فالمجرات التي تشكلت في عمليات المحاكاة السابقة كانت أغلبها فائقة الكتلة جداً، وصغيرة جداً، ومعمرة جداً وكروية جداً.


المجرات التي تشكلت في عملية المحاكاة EAGLE (وهي الأحرف الأولى من العبارة الانكليزية "تطور وتجمع المجرات وبيئاتها") كانت الانعكاس الأقرب إلى المجرات الحقيقية وذلك بفضل الرياح المجرية القوية، التي قذفت الغاز بعيداً لتُعطي الكميات اللازمة منه لتشكل النجوم.


إن مجرات محاكاة EAGLE أخف وأكثر شباباً لأن عدد النجوم التي تشكلت في وقت لاحق كان أقل، كما أن الرياح المجرية – التي يتم تغذيتها من قبل النجوم وانفجارات السوبرنوفا والثقوب السوداء فائقة الكتلة -أقوى من التي وُجدت في عمليات المحاكاة السابقة.


كذلك أحجام وأشكال آلاف المجرات، التي تشكلت في محاكاة EAGLE، مشابهةٌ أيضاً لتلك التي يرصدها علماء الفلك في الكون. يقول المؤلف المشارك من جامعة دورهام ريتشارد باور (Richard Bower): "الكون المُولد في عملية المحاكاة الحاسوبية هذه مشابه تماماً لشيءٍ حقيقي. هناك مجرات في كل مكان، وتمتلك كل الأشكال والأحجام والألوان المرئية باستخدام أكبر التلسكوبات في العالم. إنه أمر لا يُصدق. في كون EAGLE، يُمكنني بالضغط على زر ما العودة بالزمن إلى الوراء".


وبتطوير عملية المحاكاة، تُنتج مجرات بمميزات مشابهةٍ لتلك المجرات المرصودة؛ يُمكن لعلماء الفلك الآن دراسة تطور المجرات المنفردة بشكلٍ مفصل. يقول روب كرين (Rob Crain)، المؤلف المشارك من جامعة جون مور في ليفربول: "إنها بداية عصر جديد بالنسبة لنا. يُمكننا الآن التلاعب بظروف الكون ودراسة تطور المجرات على مدار 14 مليار عام".