وثيقة الأزهر .. والخروج من الأزمة (تحقيق)

وثيقة الأزهر .. والخروج من الأزمة (تحقيق)

كتبت - هبه محسن:
تحول الوسط السياسي المصري من حالة الصمت التام
إلى العمل الدؤوب في سبيل التوصل إلى حلول تنهي الأزمة الراهنة في مصر،
والتي تشهدها البلاد منذ مظاهرات 25 يناير الماضي في ذكري الثورة مرورًا
بأحداث بورسعيد التي أعقبت الحكم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ''مذبحة
بورسعيد''، والأحداث في السويس والإسماعيلية، فضلًا عن أحداث كورنيش النيل.
مبادرات
كثيرة خرجت بها القوى السياسية في مصر لإنهاء الأزمة، وكان أولها مبادرة
حزب ''النور''، التي أطلقها الحزب، أول أمس الثلاثاء، وعرضها على جبهة
الإنقاذ التي رحبت بها، ثم مبادرة الدكتور محمد البرادعي، وهي التي لاقت
بعض الاعتراضات على اعتبار أنها تعيد إدخال الجيش في الحياة السياسية من
جديد، وأخيرًا وثيقة الأزهر لنبذ العنف.
وثيقة الأزهر
أحدث
المبادرات التي طُرحت لحل الأزمة وإنهاء العنف، الذي بدأت تتصاعد وتيرته
في ظل استمرار التوتر على الساحة السياسية، فقد خرج علينا الأزهر الشريف
اليوم بعد لقائه بممثلي القوى السياسية بمبادرة جديدة لوقف العنف.
تتمثل
هذه المبادرة في عدد من البنود يلتزم بها جميع المشتغلين بالعمل السياسي
في مصر؛ أهمها نبذ العنف ورفع الغطاء السياسي عنه، والدعوة للحوار الوطني
الجاد، وتشكيل لجنة لوضع أجندة للحوار.
ومن ضمن بنود هذه الوثيقة ما
ينص على حق الإنسان في الحياة، والتأكيد على حرمة الدماء والممتلكات العامة
والخاصة، والتأكيد على أن واجب الدولة ومؤسساتها في حماية أمن المواطنين
وسلامتهم وصيانة حقوقهم وحرياتهم، ونبذ العنف بكل صوره، وإدانة التحريض على
العنف وتجريمه، بالإضافة إلى الالتزام بالوسائل السلمية في العمل الوطني
العام، والالتزام بإسلوب الحوار الجاد بين أطراف الجامعة الوطنية، وحماية
النسيج الوطني من الفتن الطائفية ودعوات العنصرية.
وقد تم الاتفاق
خلال اللقاء على تشكيل لجنة ممثلة من جميع الأطياف السياسية، لوضع الخطوط
العريضة لأجندة الحوار الوطني وجدول أعماله وآليات تنفيذها.
معنوية وأخلاقية
وقد
أثارت هذه الوثيقة العديد من ردود الفعل واختلف في شأنها السياسيون،
فيعتبر الدكتور وحيد عبد المجيد، عضو جبهة الإنقاذ الوطني، أن وثيقة الأزهر
التي خرجت اليوم لها فائدة معنوية وأخلاقية في توجيه رسالة للمجتمع، وأنها
تُقلل حدة شعور المواطنين بالخوف من مصير مجهول.
ويضيف أن تأثير الوثيقة على أرض الواقع يتوقف على إيجاد آلية للعمل من أجل إقامة حوار وطن جاد.
بداية لحوار جاد ولكن
ويوضح
''عبد المجيد'' أن فكرة تشكيل لجنة ممثلة من جميع القوى السياسية تعمل على
وضع الخطوط العريضة لأجندة الحوار وآليات تنفيذ ما سيخرج به هذا الحوار،
وهي الفكرة التي تم طرحها اليوم خلال اللقاء في الأزهر، وأنه إذا تم
تنفيذها سيكون هناك بداية جديدة للحوار الوطني بعد أن وصل الحوار مع
الرئاسة إلى طريق مسدود.
ويؤكد أن فكرة اللجنة إذا نجحت في إيجاد
بداية جديدة للحوار الوطني ستظل رسالتها معنوية لا أثر لها على أرض الواقع،
موضحًا أن نجاح هذه الفكرة مرتبط بما تؤدي إليه من بلورة لجميع المبادرات
التي خرجت من القوى السياسية في الفترة الأخيرة، مثل مبادرة حزب النور،
ومبادرة الدكتور محمد البرادعي؛ لأن جميع هذه المبادرات تكمل بعضها البعض.
السلطة لا تريد الحوار
ويتابع
''عبد المجيد'' قوله بـ: ''إن كل الأطراف في مصر الآن على استعداد للحوار،
ولكن السلطة وأتباعها لا تريد هذا الحوار''، ويشدد على أن السلطة في مصر
أبدت راحتها ورغبتها في إجراء الحوارات الشكلية التي لا قيمة لها ولا أثر
في الواقع.
ويتفق مع هذا الرأي، الدكتور جمال أسعد، الكاتب السياسي
والمفكر القبطي، حيث يرى أن تصريحات الدكتور عصام العريان الأخيرة التي
يرفض فيها تعديل مواد الدستور الخلافية تؤكد على موقف الإخوان الرافض
للحوار الوطني، مؤكدًا أن الإخوان يتظاهرون بقبول الحوار وفي داخلهم
يرفضونه.
كما يؤكد على ضرورة إيجاد آلية وضمانات واضحة لتنفيذ الحوار وإظهار النوايا الصادقة لإجرائه.
لا يوجد آلية للتطبيق
ويرى
''أسعد'' أن دور الأزهر مُقدر، والوثيقة مهمة، لكن لابد من مناقشتها في
ضوء الوثائق السابقة التي صدرت عن الأزهر الشريف، ''فهناك دائمًا فارق بين
التوقيع والتطبيق، وحتى الآن لا يوجد تطبيق لأيًا من الوثائق السابقة أو
الأخذ به حتى في الدستور الجديد للبلاد''، لكن الوثيقة مُقدرة في ظل
الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد، حيث أن أهم بنودها نبذ العنف والدعوة
للحوار الوطني الجاد.
ويضيف أن نبذ العنف يستلزم رفع الغطاء
السياسية عن جميع عمليات العنف والتخريب في الشارع، وأن تمارس السلطات
الأمنية دورها في ضبط الآمن وإحكام قبضة القانون على الجميع، سواء كانوا
ينتمون لمجموعات ''بلاك بلوك'' أو ''أولاد أبو إسماعيل''، وعن الحوار
الوطني يقول ''أسعد'' أنه يتطلب من القوى السياسية أن تُبدي رغبة حقيقية في
إجراء هذا الحوار بعيدًا عن التعنت وتجميد المواقف، وأن توجد آلية واضحة
لإجرائه.
الرئاسة ليس لها دور
يعتبر
الدكتور جمال أسعد أن رئاسة الجمهورية ليس لها دور في الحوار الوطني، وأن
هذا الأمر قد تأكد خلال جلسات الحوار الوطني الأول، التي تم الاتفاق فيها
على قانون الانتخابات ليتم إقراره في مجلس الشوري بشكل مختلف، بعيدًا عما
تم الاتفاق عليه في الحوار.
ويشدد الدكتور على أن القضية الآن ليست
في الحوار، لكن في خروج رئيس الجمهورية إلى الشعب لاحتوائه واحتواء الشارع
المحتقن، فيما يرى أنه إذا لم يُظهر الرئيس إرادة سياسية ورؤية واضحة
لإنهاء الأزمة فإنه لن يكون هناك جدوى، مع العلم أنه لا يوجد أي فصيل سياسي
يمكنه السيطرة على الشارع الآن.
بعيدةً عن الشارع
من
جانبه، يؤكد مصطفى الجندي، عضو مجلس الشعب السابق وعضو جبهة الإنقاذ
الوطني، أن من هم في الشارع الآن فئات من الشعب المصري ''الغير مسيس''، وأن
هؤلاء من نزلوا في الأيام الأولى لثورة يناير، وأن المشكلة تكمن في أن من
حضروا اللقاء في الأزهر اليوم ليس لهم علاقة بهؤلاء الذين يتواجدون في
الشارع، ولذلك فإن ما تم الاتفاق عليه اليوم بعيد عن الشارع.
وأعرب
''الجندي'' عن خشيته مما يسمى ''رفع الغطاء السياسي عن العنف في الشارع''؛
لأن هذا سيؤدي إلى ترك هؤلاء الشباب في مواجهة مباشرة مع الأمن مثلما حدث
في أحداث ''محمد محمود''، وحينها سيتحول من هم في الميادين إلى ''بلطجية''.
تطبيق القانون
ويستطرد
''الجندي'' حديثه قائلًا إنه ''مؤيد لأي شيء يؤدي إلى وقف حالة الغليان في
الشارع المصري، ''لكن حالة الغليان في الشارع الآن ليست بسبب خلافات القوى
السياسية المختلفة بل بسبب سياسات الإخوان المسلمين؛ فالشعب المصري يرفض
أن تحكمه الجماعة؛ لأنه انتخب الرئيس محمد مرسي وحده ولم ينتخبه وجماعته''.
ويضيف
أن تصرفات الحاكم وجماعته منذ أن جاءوا على رأس السلطة في مصر خارجة عن
القانون، وأن هذا ما يؤجج الشارع ويصعد من وتيرة الأحداث، ولذلك فإن الحل
لن يكون إلا في تطبيق القانون على الجميع حتى رئيس الجمهورية الذي سالت في
عهده دماء شباب مصر أمام قصر الاتحادية.
الحل في الحوار
وعلى
الجانب الآخر، يرى فريد إسماعيل، عضو حزب الحرية والعدالة، أن وثيقة
الأزهر جيدة ولابد أن يلتزم بها الجميع، مؤكدًا أنه لا سبيل سوى الحوار
للخروج من الأزمة الراهنة.
ويعتبر ''إسماعيل'' أن القوى المدنية لا
تلتزم بالحوار ولا ما جاء به، وأن الدليل على ذلك ما حدث من خلافات حول وضع
الدستور في الجمعية التأسيسية.
ويشدد عضو حزب الحرية والعدالة على
أن هناك إجراءات عاجلة يمكن أن يتم الاتفاق عليها لإنهاء الأزمة، منها وضع
ضوابط نزاهة العملية الانتخابية المقبلة، أما المطالب بتعديل الدستور فله
آلية محددة، ومجلس الشورى الحالي غير منوط بهذا الأمر، ولابد من الانتظار
حتى انتخاب مجلس الشعب والشورى الجديد.

» نص وثيقة الأزهر الشريف لنبذ العنف
» بتوجيهات من الإمام الأكبر وكيل الأزهر يزور معلمي الأزهر المصابين في بلبيس
» بداية هادئة لتنسيق الأزهر وضعف الإقبال تخوفاً من حشود رابعة.. وطلاب الشعبة الإسلامية يشتكون من ضعف الفرص.. وتأجيل قبول الحاصلين على الثانوية العامة بلغات الأزهر لما بعد التنسيق‎
» تحقيق الطموحات الشخصية...
» القوات المسلحة: نمهل الجميع 48 ساعة لحل الأزمة