«العائدون من سانت كاترين» يكشفون أهوال «الرحلة »..شاهدوا

بالفيديو.. «العائدون من سانت كاترين» يكشفون أهوال «الرحلة ».. ارتفاع الضغط وانخفاض الحرارة يعرضان المتسلق للموت.. الصعود ليلًا على ضوء الكشافات الخاصة.. و«محمد رمضان» تشبث بالحياة لآخر لحظة
 
الخميس 20/فبراير/2014 - 07:31 م
شيماء مفتاح - حنان عبد الهادى - عدسة مصطفى بسيم
 
استضاف صالون "فيتو" ثلاثة من الشباب العائد من رحلة المهالك لسانت كاترين، وتحدثوا عن المصاعب التي تعرضوا لها بدءا من الظلام الدامس بالطريق من بعد الكمين 199 السويس مرورا برحلة الصعود لجبل "موسى"، والذي يبلغ ارتفاعه 2500 متر، ولكن الطريق الصخري الممهد للصعود يمتد لـ 8 كم في شكل دائري حول الجبل صعودا ونفس المسافة هبوطا.

وحكى الشباب عن التعب الجسدي والألم الناتج عن نقص الأكسجين وارتفاع الضغط الجوي وانخفاض درجة الحرارة كلما ارتفعوا عن سطح الأرض صعودا لأعلى الجبل، مؤكدين حسن استضافة البدو لهم وتقديم الإرشادات الخاصة بالأمان لهم والمنشطات الطبيعية لمدهم بالطاقة اللازمة خلال الرحلة الشاقة للصعود.

بداية تحدث أحمد علاء "طالب نهائي هندسة" بجامعة القاهرة عن كيفية معرفته بالرحلة، وكيف انضم إليها؟ قائلا: "الرحلة ينظمها بعض الطلاب بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وهي نشاط طلابي قائم على المجهود الذاتي للطلبة وليس هناك أدنى مسئولية على الجامعة بخصوص تلك الرحلة.

وأضاف: "كنا آخر فوج قبل وقوع الحادث والمعلومات المتوفرة لدينا عن الرحلة بسيطة جدا عن طريق منظم الرحلة، وهو طالب زميل لنا وكانت التعليمات أن نرتدي ملابس ثقيلة لانخفاض درجة الحرارة بقمة الجبل وباقي المعلومات حصلنا عليها بواسطة البدو عند وصولنا للجبل، وهي عبارة عن إرشادات وتعليمات بسيطة أيضا عن ضرورة التحرك الجماعي وإلا ننفصل عن بعضنا البعض وأماكن الاستراحات ومواعيد العودة والهبوط عن الجبل".

وأشار "علاء" إلى أن الرحلة ليست مستحيلة، فهى ليست رحلة "تسلق للجبال" بمعنى ضرورة وجود أحبال وأدوات خاصة للتسلق، وإنما هي فقط رحلة للصعود على الأقدام على طريق ممهد يمتد لمسافة 8 كم في شكل دائري حول الجبل صعودا وقام بتمهيده البدو بالمجهود الذاتي، واختيارنا لتلك الرحلة لمكانتها الدينية والروحية فهو الجبل الذي كلم الله عليه سيدنا موسى، فكان لدينا فضول لتجربة هذه الرحلة، والرحلة ليست انتحارية ولو أن هذا الجبل كان في لبنان مثلا لكانت الرحلة أسهل كثيرا عن طريق الصعود "بالأسانسير" والتنقل من جبل لآخر عن طريق "التليفريك".

وأكمل أنه "عند كمين 199 طريق السويس قبل نفق الشهيد أحمد حمدي ندخل بالسيارة داخل بوابة ليزر للكشف عن المتفجرات وبعد انتهاء إجراءات التفتيش وبعد ساعة ونصف من السير فجأة يتحول الطريق إلى الظلام الدامس لعدم وجود أي إنارة بالطريق فتوقنا لانتظار سيارة لتأميننا، وهي تابعة للبدو أنفسهم ليست تابعة للشرطة وتسمى "الدليل"، تأخذنا "للكامب" أسفل الجبل لتغيير ملابسنا وحصولنا على قسط بسيط من الراحة وسط ترحيب وحفاوة من البدو المضيفين لنا، وقد زودنا البدو بنوع معين من "اللبان" لمواجهة ارتفاع الضغط الجوي وانخفاض نسبة الأكسجين في أعلى الجبل، وكذلك مشروب طبيعي للطاقة وهو "شاي بالحبق" ويقدمون كل ذلك بدون مقابل".

وأوضح أن الرحلة تنظم أسبوعيا تقريبا وبمجهود فردي للطلاب المنظمين لها، والمنظم هو مجرد شخص يقوم بالإعلان وترتيب الزيارة والرحلة دون أدنى مسئولية عليه تجاههنا فكل شخص يكون مسئول عن نفسه وهي منظمة بشكل جيد.

وقال تعليقا على حادث مقتل الشباب برحلة "سانت كاترين": إنه في مصر يتم الاستخفاف بحياة البشر فبمجرد وفاة شخص واحد كان يجب أن تقال الحكومة.

وأوضح "لم أكن أعرف محمد رمضان بشكل شخصي ولكن أعرف أصدقاء مقربين منه جدا وهم أصدقائي أيضا، ومنهم الشاعر "ضياء عبد الرحمن" وكان لديه أمل حتى مساء أمس في العثور على "رمضان" حيا؛ لأنه لن يموت بسهولة فهو لا يعرف الاستسلام وبالفعل عندما عثروا على جثته وجدوه محتمي تحت أحد الصخور دليل على تمسكه وتشبثه بالحياة حتى آخر نفس، محمد رمضان أحد شباب الثورة وحصل على جائزة أفضل فيلم قصير بعد أحداث ثورة 25 يناير، وكتب الإهداء إلى "ست البنات" التي تمت تعريتها في أحداث محمد محمود، ما ذنبه لكي يموت ويترك لمدة 4 أيام دون إنقذاه؟، الإبداع بداخله أين ذهب؟، لقد قضينا عليه وعلى إبداعه بإهمالنا، كنت أتمنى أن تقوم إحدى الطائرات التي ترسم القلوب فوق المتظاهرين بميدان التحرير أن تذهب لإنقاذ المفقودين في جبل سانت كاترين.

وأشاد "أحمد علاء" بدور البدو في توفير الأمن لزوار الجبل قائلا: "لولا البدو لمات كل من يزور هذا الجبل، فهم من يمنحونا اللبان الخاص بضبط ضغط الدم ومشروبات الطاقة الطبيعية، ولولاهم لما تمكن أربعة من ضحايا الحادث الأخير من النجاة ولما تمكنا كذلك من العثور على جثث الأربعة الآخرين، وطمأنني أحد البدو عندما أبديت تخوفي من التعرض للدغة ثعبان قال لي: إن هذا الطريق مهده البدو على مدى سنين عديدة حتى لا يتعرض أحد لأي خطر خلال رحلة الصعود لجبل موسى".

وأضاف: "البدو في سيناء بيفرحوا بالمصريين فهم يعتبرون أنفسهم ليسوا مصريين، وهذا ليس اختيارهم، فهم ممنوعون من تملك أراضيهم كما أنهم مهمشون وتعتبرهم الحكومة أنهم ليسوا بشرا".

وقال "أحمد علاء": إن منطقة سانت كاترين مهملة تماما ولا يوجد بها أدنى متطلبات الحياة الآدمية، فلا هناك كهرباء أو ماء أو مستشفى أو أي شيء، فالبدو مواطنون درجة عاشرة وتتعامل معهم على أساس أنهم ليسوا بشرا أساسا، ومحافظة جنوب سيناء محافظة بلا محافظة ولا يوجد بها خدمة واحدة وتساءل قائلا: "من يتصارعوا على كرسي الرئاسة وهو حلم بالنسبة لهم أقول لهم إنه جحيم وليس حلما".

وصف "أحمد علاء" الرحلة بأنها "كانت ممتعة جدا، فهي ذو تأثير روحاني خلال تفكيرنا برحلة صعود سيدنا موسى وبعد صعودنا إلى قمة الجبل جاءنا شعور بأننا نستطيع فعل أي شيء وليس هناك مستحيل، وبعد تلك الرحلة أحسست بتخلصي من كل الطاقة السلبية بداخلي".

ووجه "أحمدعلاء" في ختام حديثه رسالة للشعب المصري ألا ينساقوا وراء ما تردده بعض وسائل الإعلام والقنوات وبرامج التوك شو، وطالبهم بالنزول للشارع ورؤية الحقيقة بأعينهم وألا يتهموا من ينزل في مظاهرة للمطالبة بحقه بالبلطجة.

من جانبه قال خالد محمد "ضابط بحري" أحد الشباب الثلاثة: "عرفت عن الرحلة عن طريق صديقي "أحمد علاء"، وكنت أظن أن الرحلة سهلة وليست متعبة، لقد وصلنا إلى بوابة الجبل في حدود الساعة 11 مساء، ووصلنا لقمة الجبل في نحو الخامسة فجرا أي أخذت رحلة الصعود نحو الخمس ساعات، وقد تخلل تلك الرحلة بعض الاستراحات، ونظرا لقلة الأوكسجين كلما أخذنا في الصعود، والرحلة متعبة جدا بشكل لم نكن نتصوره فالصعود لمسافة 2500 متر مع ارتفاع الضغط وانخفاض درجة الحرارة وقلة الأوكسجين تصبح الرحلة متعبة جدا والمجهود يكون مضاعفا بغض النظر عن قدراتك البدنية، وخلال الرحلة كنت أضطر أنا وصديقي "أحمد صلاح" للمشي في آخر المجموعة حتى نتأكد من سلامة الجميع حتى لا يضل أحد من المجموعة خصوصا مع تواجد عدد من الفتيات وإحساسنا بالمسئولية تجاههم ولتفوقنا الجسدي عليهن".

ووصف "خالد" شعوره بعد الوصول لقمة الجبل قائلا: "بعد وصولي للقمة نسيت كل التعب وتمنيت لو بقيت لمدة أطول، ورأينا الكثير من الإخوة المسيحيين كبار السن يصعدون لقمة الجبل لأداء الصلاة والترانيم وسط مشهد رائع".

وقال "أحمد صلاح " موظف بإحدى شركات الاتصالات: "تعرفت عن الرحلة عن طريق صديقي "أحمد علاء" أيضا، فنحن أصدقاء منذ سنين والرحلة كانت منظمة عن طريق الكلية التي يدرس بها، وكانت تجرية جديدة ولم نقم بها من قبل فرحبنا بالفكرة لكننا لم نتخيل أن الرحلة بتلك الصعوبة وأكثر ما أثار استغرابي بعد وصولي للجبل عدم وجود أي طبيب أو شخص على دراية ولو بأبسط إجراءات الإنقاذ عند وقوع حادث لا قدر الله.

واختتم "أحمد صلاح" كلامه واصفا حال الشباب في مصر قائلا: "باختصار ليس هناك أمل إذا ذهبت للتشجيع في مباراة كرة قدم تموت، ولو ذهبت للجامعة تموت، ولو نزلت في مظاهرة للمطالبة بحقك تموت وحتى إذا ذهبت للنزهة تموت أيضا تلك دولة "العواجيز" وستبقى كذلك، فلا أمل هناك ولن يكون للشباب مكان بها، قبل الثورة كنا نموت أيضا ولكن الفارق الآن أننا نذهب للموت دون خوف فلن يتم إسكات صوتنا أبدا، ولم نعد نخاف الموت".