بالمستندات.. «اليوم السابع» تكشف أخطر وقائع فساد بـ"المالية"بعد الثورة.. رئيس قطاع الموازنة يتقاضى 150ألف جنيه مكافأة عن مجلس إدارة بنك مصر إيران..ورئيس وحدة الشراكة يطالب بنصيبه فى شيك بـ400 ألف جنية
الخميس، 26 سبتمبر 2013 - 11:07
ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق
كتبت - منى ضياء
حصلت «اليوم السابع» على مستندات تثبت وقائع فساد جديدة بوزارة المالية، والتى تؤكد سيطرة كبار قيادات الوزارة على تمثيل المال العام فى عضوية مجالس إدارات 294 شركة وهيئات عامة وبنوك، وحصولهم على مكافآت بآلاف الجنيهات شهرياً.
وفى الوقت الذى أعلنت وزارة المالية فى بيان لها الأسبوع الماضى، عدم تقاضى مسؤوليها أى مبالغ أو مكافآت نظير عضويتهم فى مجالس الإدارات كممثلين للمال العام فى تلك الجهات، تكشف المستندات حصول قيادات الوزارة على مكافآت بقيمة 5250 جنيهًا مرتين شهريًا بدل حضور جلسات مجالس الإدارات، وللتحايل على القانون يتم إدراج مبلغ الـ250 جنيهًا كبدل حضور الجلسة مقابل إدراج مبلغ 5000 جنيه كبدل انتقالات، وأصبح بمثابة العرف الدائم بالوزارة منذ سنوات.
وعلى مدى سنوات، ظل وضع مجالس الإدارات محكومًا بالحظوة والمحسوبية، فمن يرض عنه الوزير يحظ بعضوية مجالس إدارات الشركات خاصة البترول والبنوك والهيئات الرابحة، والتى تتجاوز مكافآتها السنوية مئات الآلاف من الجنيهات، ومن ليس له صلة قوية بالوزير أو محاسيبه يمثل المال العام فى شركة أو اثنتين من الشركات الخاسرة و التى لا تحقق أرباحًا كبيرة، فى الوقت الذى يرد فيه عدد محدود من هذه القيادات مكافآت مجالس الإدارات للخزانة العامة.
وكان معروفًا عن وزير المالية الأسبق ممتاز السعيد، أنه لا يتقاضى مليمًا واحدًا نظير عضويته فى أى مجلس إدارة كممثل للمال العام، رغم عضويته السابقة بمجالس إدارات شركات وهيئات وبنوك من التى يهفو القيادات على العمل بها، وكان السعيد يرد جميع المبالغ التى تقدم إليه للخزانة العامة، وهى من الحالات التى يتندر بها العاملون بالوزارة حتى الآن، لأنه كان يأبى سوى الحصول على راتبه فقط.
وحصلت «اليوم السابع» على مستند يؤكد حصول عاطف ملش، رئيس قطاع مكتب وزير المالية، على مكافأة نظير عضوية مجلس إدارة بنك مصر إيران للتنمية بصفته ممثلا عن بنك الاستثمار القومى عن عام 2010 بواقع 150 ألف جنيه، وهو عبارة عن خطاب موجه من ملش لرئيس قطاع مكتب الوزير السابق أيمن جوهر، اعتراضًا على صرف مبلغ 20 ألف جنيه فقط من قيمة المبلغ الذى وافق عليه الوزير، مطالبا بصرف باقى مستحقاته، وهو الخطاب المؤرخ بتاريخ 26 نوفمبر الماضى.
جدير بالذكر، أن القانون رقم 85 لسنة 83 بشأن تمثيل المال العام فى الجهات، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 606 لسنة 2008، أكدا أنه لا يجوز للشخص الواحد بصفته ممثلا للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة والبنوك وغيرها من شركات القطاع العام أن يجمع بين عضوية أكثر من مجلس إدارة يباشر فيها مهمة التمثيل، بعكس الواقع الفعلى، حيث يسيطر القيادات على عضوية مجالس الإدارات والتى قد تصل إلى 20 مجلس إدارة للعضو الواحد.
وطبقا لآخر حصر أجرته وزارة المالية عن عضوية مجالس الإدارات فى تقرير تسلمه الوزير السابق فياض عبدالمنعم فى إبريل الماضى، تبين وجود اسم عاطف ملش، رئيس قطاعى الموازنة ومكتب وزير المالية كعضو ممثل للوزارة فى 18 مجلس إدارة، وهو حصر مبدئى لم يتضمن ما تمت إضافته له من مجالس إدارات كانت ضمن عضوية أيمن جوهر قبل إحالته لمستشار «أ» بالأمانة العامة، ومحمد معيط الذى انتقل للعمل كنائب رئيس هيئة الرقابة المالية، وأمجد منير الذى تنازل عن عضوية مجالس الإدارات التى كان يمثل فيها الوزارة عقب إحالته لنيابة الأموال العامة فى قضية سيأتى ذكرها لاحقًا.
وحتى الآن، لا تملك وزارة المالية خريطة واضحة المعالم لعضوية ممثليها بمجالس الإدارات المختلفة، بعد حدوث التغييرات الأخيرة من إقالة بعض القيادات فى عهد الإخوان، وهو ما تحتاج وزارة المالية لإعادة حصره الآن لمعرفة كيف يدار المال العام.
فقد يكون مقبولاً أن يجمع شخص واحد لأكثر من مجلس إدارة، ولكن طبقا للقانون فلا يتجاوز هذا التمثيل أكثر من مجلسين، وأن يكون العضو الممثل للمال العام من ذوى الخبرة، ولكن أن يكون هذا الملف محصورًا بين قيادات الوزارة، مما يمكنهم من السيطرة على المغانم ومنح أهل الحظوة منها.
وتحقق نيابة الأموال العامة فى قضية خطيرة أحالها وزير المالية السابق فياض عبدالمنعم إليها، ضد أمجد منير، رئيس الإدارة المركزية للتمويل السابق، وهى القضية التى تسببت فى عزله من وظيفته وإحالته لمنصب مستشار بقطاع الأمانة العامة بالوزارة.
وتدور وقائع القضية حول طلبه من وزير المالية الأسبق المرسى حجازى حصوله على مكافأة مجلس إدارة الشركة المصرية لإنتاج الألكايل الخطى «إيلاب» للسنة المنتهية فى 31/12/2012، بقيمة 28.570 ألف دولار هى نصيبه كممثل للوزارة فى مجلس إدارة الشركة، حيث خصصت الشركة مبلغا قدره 200 ألف دولار كمكافآت لمجلس الإدارة عن أعماله خلال السنة، وهو ما رفضه الوزير الأسبق مقررا إعادة المبلغ للخزانة العامة.
وعاود منير عرض الطلب على الوزير السابق فياض عبدالمنعم، إلا أنه قام بتغيير قيمة مبلغ المكافأة من 28 ألف دولار إلى 250 جنيها مصريا فقط، حتى يحصل على الموافقة، وهو ما كشفه مستشارو الوزير السابق، وتم إحالة القضية للنيابة، وجار التحقيق فيها حاليًا، بعد أن استقال منير من عضوية جميع مجالس الإدارات التى كان يمثل فيها الوزارة وتنازل عن جميع المكافآت الواردة منها.
وتقدمت شركة «إيلاب» بخطاب لوزارة المالية توضح فيه جميع المكافآت وبدلات الحضور التى حصل عليها أمجد منير عن عامى 2011 و2012 كعضو ممثل لوزارة المالية بمجلس إدارة الشركة، وبلغت قيمة بدلات حضور الجلسات فى إجماليها عن العامين 73.500 ألف جنيه، والغريب أنه تم إدراج مبلغ الـ3500 جنيه كبدل حضور الجلسات، مقابل مبلغ 70 ألفًا بدل انتقالات، كما هو معتاد فى مثل هذه الحالات، فى حين حصل على مكافأة أعمال المجلس عن عام 2011 بقيمة 59 ألف جنيه، فى حين لم يحصل على مكافأة عام 2012 للأسباب التى سبق ذكرها.
وتثبت مذكرة تقدم بها عاطر حنورة، رئيس وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بالوزارة، فى يونيو الماضى، طالب فيها الوزير السابق فياض عبدالمنعم بتخصيص مبلغ له من مكافأة مجلس إدارة بنك الإسكندرية سان باولو الذى يمثل الوزارة فى عضويته بعد استقالة أمجد منير، حيث بلغت قيمة المكافأة عن السنة المنتهية فى 31 ديسمبر 2012 حوالى 400 ألف جنيه، وننفرد بنشر صورة الشيك المورد باسم الوزارة برقم 16050 بتاريخ 11 إبريل الماضى. هذا ناهيك عن كشوف البركة من المكافآت التى يطلق عليها «طوابير» وهى عبارة عن مكافآت اعتاد قيادات وزارة المالية ومحاسيبهم صرفها شهريا من جهات مختلفة مقابل عملهم المعتاد، بما يعد مخالفة للقانون، تكشف المستندات حصول عدد من قيادات الوزارة على رأسهم عاطف ملش، رئيس قطاعى الموازنة العامة ومكتب وزير المالية، وكارم محمود، رئيس قطاع الحسابات والمديريات المالية، وسيد إسماعيل، وعماد عبدالله، وعدد من قيادات قطاع الموازنة، على مكافآت شهرية من الهيئة العامة للسكك الحديدية تتراوح ما بين ألف و3 آلاف جنيه، وتبينها كشوف الصرف الواردة من هيئة السكك الحديدية عن أشهر إبريل - أغسطس من عام 2010، مقابل ما سمته الهيئة «جهود غير عادية» لدعم اشتراكات الطلبة بالقطارات.
ومفاجأة أخرى كشفتها مستندات تفيد حصول 456 موظفًا بوزارة المالية على رأسهم القيادات الشهيرة والمتكررة فى كل كشوف المكافآت من الهيئة العامة للمطابع الأميرية، عاطف ملش رئيس قطاع الموازنة العامة، وكارم محمود، رئيس قطاع الحسابات، وأمجد منير، رئيس الإدارة المركزية للتمويل سابقا والمشرف على مشروع إحلال التاكسى، وهى المكافآت التى تراوحت ما بين 3 آلاف جنيه بالنسبة لصغار الموظفين، و10 آلاف جنيه للقيادات.
وبلغت قيمة المكافأة التى خصصتها هيئة المطابع لموظفى وزارة المالية إجمالى مبلغ 1.69 مليون جنيه، مقابل أعمال اللجان من الوزارة عن الفترة من أغسطس 2007 وحتى يونيو 2010 لتقييم رأس مال هيئة المطابع الأميرية.
واللافت للنظر فى هذه الكشوف، وجود اسم الوزير الأسبق ممتاز السعيد إبان عمله موظفًا بالوزارة كأول اسم بالكشوف ودون حصوله على أى مقابل، حيث ظهر أمام اسمه مبلغ صفر، بما يعنى عدم حصوله على أى مكافأة نظير هذا العمل، تلاه اسم منال حسين المرأة الحديدية التى كانت تدير الوزارة فى عهد الوزير الهارب يوسف بطرس غالى بمكافأة قدرها 10 آلاف جنيه، ثم باقى القيادات تلاهم صغار الموظفين.
وأصبحت هذه المكافآت التى يطلق عليها اسم «طوابير» بمثابة أمر معتاد يأتى على المحظوظين من قيادات وموظفى الوزارة حسب «الدور» وتتكرر فيه نفس الأسماء، وتصرف شهريًا من عدد كبير من الجهات.
جميع الوقائع السابقة نهديها لوزير المالية بالمستندات للتحقيق العاجل فيها، خاصة أنه بعد كشف عدد من هذه الوقائع فى جهات أخرى، ابتكرت قيادات الوزارة حلولًا غير عادية لصرف هذه المكافآت من خلال تسليمها بأظرف مغلقة من جهات محددة ولقيادات محددة بالوزارة، وهو ما يتطلب تحقيقًا عاجلاً بعد أن شاهد عدد من موظفى الوزارة هذه الوقائع بأعينهم، وهو الأمر الذى تعدى ما يطلق عليه صرف مكافآت نظير «جهود غير عادية».