الإخوان فى النزع الأخير..الجماعة تعانى انقساماً حاداً بداخلها..صلاح سلطان وحمزة زوبع يعتذران للشعب ويعترفان بالخطأ..ومحمود حسين وعصام العريان يستمران فى التحريض..ودراج وبشر يرقصان على السلم
السبت، 21 سبتمبر 2013 - 00:20
عصام العريان
كتب أمين صالح وسمر سلامة وعلاء عصام
يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين تعانى انقساماً حاداً بداخلها فى معركة يطلق عليها البعض بمعركة المصير.. ففى الوقت الذى انخفضت فيه شعبية الإخوان يتقدم بعض قيادتها باعتذاراً رسمياً للشعب عن الأخطاء التى ارتكبتها طيلة الفترة الماضية مثلما فعل كل من صلاح سلطان وحمزة زوبع القياديين بالجماعة، فيما يستمر كل من محمود حسين وعصام العريان فى التحريض على العنف والدعوة لما وصفوه بعودة الشرعية ورفض الانقلاب، فيما يأتى كل من عمرو دراج ومحمد على بشر ليقفان فى منتصف الطريق.
اعتذار صلاح سلطان وحمزة زوبع:
القيادى الإخوانى صلاح سلطان تقدم باعتذار صريح للشعب المصرى عن أخطاء الجماعة خلال الفترة الماضية، قال فيه: يا قومنا وكل المصريين قومنا، نحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداءً لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمناً لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بمصرنا وأمتنا، ثم نستسلم للذلة، أو نرضى بالهوان، أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس فى سبيل الله، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب من أبناء مصرنا، ولن نكون عليكم يوماً من الأيام، وسوف تدركون هذه الحقيقة اليوم أو الغد و"سوف ترى إذا انجلى لك الغبار" أفرسان نحن أم أشرار، و"عند الصباح يحمد القوم السرى".
وتابع سلطان: نكتب بكل شجاعة "والشجاع من انتصف من نفسه" اعتذارًا إلى الله تعالى، واعتذارًا إلى شعبنا المصرى عن أخطاء فى الاجتهاد السياسى، لا القصد الجنائى -لا قدر الله- ضد مصرنا؛ لأننا جزء منكم، ونتعبد لله بحب وخدمة ترابها وشعبها كما قال الشاعر: بلادى وإن جارت على عزيزة وأهلى وإن ضنوا على كرام.
وعدد سلطان أخطاء الجماعة فى القبول بالحوار مع عمر سليمان والمجلس العسكرى لقيادة مصر فترة مؤقتة، أملاً فى التدرج فى الإصلاح والتغيير، وندرك الآن أن المسار الثورى باستمرار الحشد الشعبى فى الميادين كان أنفع لتحقيق مقاصد ثورة 25 يناير.
قبولنا الاستمرار فى تحمل المسئولية فى هذا الوقت العصيب رغم العرض والرفض من الكثير من شركاء الثورة أو الوطنيين المستقلين، مع استمرار قوى الفلول والمنتفعين والمتخوفين من العدالة فى هدم أى مشروع إصلاحى، وكان يجب مصارحة ومشاركة الشعب المصرى كله ليحمل معنا أعباء المعوقات والمؤامرات.
هذا إلى جانب تقديم التحاور الإصلاحى على العلاج الثورى الناجع مع قوى التآمر التى ظلت تعمل جاهدة لإفشال المسار الديمقراطى، والمكتسبات الثورية، والصناديق الانتخابية، وخاصة الحملات الإعلامية التى شيطنت الثورة وفرقت وحدتها، وخوّنت قادتها، وهيأت للانقلاب العسكرى الدموى، والاحتقان والتمزق الشعبى.
وأشار سلطان إلى عدم استيعاب الجماعة لقطاعين عظيمين الشباب والنساء، وقد كانوا ولا يزالون الوقود الأول والأقوى فى ثورة يناير وما بعدها حتى اليوم، مما دفع كثيراً من المخلصين منهما أن يبحثوا عن منافذ وآفاق أخرى لتحقيق آمالهم، فشاركوا فيما لم يحسبوا مآله على مصرنا، مما يأسى له كل محب لمصر وأهلها الآن.
بدوره اعترف أيضاً القيادى الإخوانى حمزة زوبع مؤكداً: لم يتعلم من أخطائه فهو أحمق، ومن لم يتعلم من أخطاء غيره فهو غبى لا يمكن أن يتعلم أبداً.
وأضاف: "من قال إن الإخوان لم يخطئوا؟ ومن قال إن مرسى لم يخطئ؟ قلنا مراراً وتكراراً إننا كحزب وجماعة، كحكومة ورئاسة، أخطأنا، وبينت فى سلسلة مقالات أن بناء جبهة وطنية من الطيف السياسى على اتساعه واختلاف توجهاته كان كفيلاً بأن يجعل من ثورة 25 يناير نقطة تحول كبيرة ليس على مستوى مصر، بل على مستوى العالم العربى وربما أجزاء من العالم الغرب.
وتابع "الخطأ الكبير هو أننا وبرغبة أو على غير رغبة وقعنا فى فخ الانفراد بالحكم، ولو مضطرين بعد أن تركنا الآخرون برغبة منهم أو مكرهين، لكن المسئولية عادة ما تقع على من بيده مقاليد الحكم وهو نحن".
وقال حمزة: "أخطأنا نعم، لكننا لم نرتكب جرائم ضد الإنسانية، أخطأنا بكل تأكيد، وواجب علينا الاعتذار للوطن وللمواطنين عن سوء الأداء بعد أن كلفنا بحمل الأمانة ولم نؤدها على النحو المطلوب، ولكن حدثونا عنكم؟ ماذا عن خطاياكم أنتم؟ متى تتوقفون وتسألون أنفسكم السؤال الكبير: ألم يئن أوان التفكير فى مستقبل هذا الوطن؟!
عصام العريان ومحمود حسين مستمرون فى التحريض:
أما الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين محمود حسين، فأكد أن اعتذار صلاح سلطان يمثل وجهة نظره الشخصية وبالتالى فهى لا تعبر عن وجهة نظر الجماعة.
وقال حسين، فى بيان له ،إن واجب الوقت الآن لكل القوى الثورية والوطنية أن تركز على توحيد الجهود لدحر ما أسماه بالانقلاب العسكرى.
وأوضح البيان أن الجماعة تؤكد أن كافة القوى السياسية والوطنية تصيب وتخطئ فى اجتهاداتها، لأنه ليس أحد من البشر معصومًا إلا محمد صلى الله عليه وسلم.
وتابع: وهذه القوى تبنى هذه الاجتهادات على ما يتاح لها من معلومات فى حينها والتى ربما تتبين بعد ذلك معلومات أخرى تجعل هذا الاجتهاد المبنى على المعلومات السابقة يحتاج إلى تصويب، وهذا يوفر دروسًا مستفادة من هذه التجارب، ولكن الأهم هو توقيت تقييم هذه التجارب، الذى نرى أنه ليس الآن.
أما عصام العريان فيواصل التحريض من حين لآخر من خلال فيديوهات تبثها قناة الجزيرة، وكانت آخر دعواته التحريضية الجمعة الماضية، والذى قال فيها إنه يحيى جهود الشعب المصرى على الصمود ضد الانقلاب العسكرى، على حد قوله.
كما دعا العريان المصريين للتظاهر كى يكونوا شهداء أمام الأحرار فى العالم على المجازر بمصر، على حد قوله، وطالبهم الاستمرار فى الخروج فى مظاهرات "الوفاء لدماء الشهداء"، وقدم "العريان" التحية للشعب المصرى من الإسكندرية لأسوان لصمودهم حتى الآن، على حد قوله.
محمد على بشر وعمرو دراج: الراقصان فى المنتصف:
خلال الفترة الماضية أجرى كل من بشر ودراج عدة اتصالات مكثفة بكل القوى السياسية للعب دور هام جداً داخل الجماعة بشأن التفاوض وكان آخر هذه الاتصالات هو لقاء مع الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، وهو اللقاء الذى نقلته صفحة الحرية والعدالة، حيث أكدت أن محمد على بشر والدكتور عمرو دراج، القياديين بحزب الحرية والعدالة و«التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب»، التقيا، منذ يومين بالكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، بمكتبه بناءً على دعوة تلقاها الحزب منه.
وقالت «الحرية والعدالة» إنه "جرى باللقاء حوار ودى وعميق حول الأوضاع الحالية فى مصر، حيث تبادل الطرفان الآراء حول أفضل السبل للخروج بمصر من أزمتها الحالية".
من جانبه، أوضح «دراج»، فى تصريحات صحفية، أن "الجميع اتفقوا فى نهاية اللقاء على أهمية استمرار الحوار بما يحقق المصلحة الوطنية العليا للوطن ويكفل له الاستقرار، لكى يتمكن من مواجهة التحديات التى تواجه أمنه القومى فى إطار من تلاحم المجتمع".
المفكر السياسى، حسن نافعة يقول لـ"اليوم السابع"، إن جماعة الإخوان المسلمين تمر بحالة ارتباك شديد بسبب غياب القيادات من بين سجين وهارب، مؤكداً أن التصريحات التى تخرج من القيادات سواء تلك التى تقدم اعتذارات للشعب المصرى أو التى تدعو للتمسك بالشرعية الدستورية وعدم تخطيها هى اجتهادات شخصية لا تعبر عن الموقف الرسمى لجماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف "نافعة" أن الجماعة تعتمد على لعبة توزيع الأدوار لكن لا تقرر إلا بشكل جماعى، وعندما لا يعجبها "تصور معين" تعلن أن هذا الموقف لا يمثلها.
وتابع "نافعة" اللقاءات التى جمعت بين الكاتب محمد حسنين هيكل وعمرو دراج ومحمد على بشر لا تعبر عن موقف رسمى، فهيكل لا يمثل الدولة ولا دراج وبشر يمثلا الجماعة"، مؤكداً أن اللقاء كان بهدف البحث والتعرف على طريقة تفكير الجماعة فيما حدث وفيما يمكن أن يحدث فى المستقبل.
وتابع: "هم يدعون أن هذه المظاهرات تعبير عن غضب الشارع وأنهم غير مسئولين عن أحداث العنف التى تقع فى الشارع، مشيراً إلى أن بشر قد أجرى اتصالاً به ليعتذر عما وقع فى مزرعة الأستاذ محمد حسنين هيك مؤكداً أنهم غير مسئولين عما حدث".
وأكد "نافعة" أن دراج وبشر خلال لقائهما أبديا خوفاً من الإصرار على إقصاء الإخوان والعودة بهم إلى ما قبل 25 يناير، مشيراً إلى أنهما اعترفا بأخطائهم ولكنهم مُصرين على رفض ما أسموه بتجاوز الشرعية الدستورية المتمثلة فى الرئيس السابق، محمد مرسى، موضحاً أن "دراج و"بشر" يمثلان التيار المعتدل داخل الجماعة ولا يمثلان التيار القطبى الذى يملك زمام الأمور.
وقال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبى الإشتراكى، أن ما نشهده الآن من تناقض واختلافات فى مواقف قيادات جماعة الإخوان المسلمين ما هو إلا اجتهادات شخصية للخروج من الأزمة الحالية، مشيراً إلى أنها تخرج من أشخاص فى مواقع مختلفة فى جماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف شكر، أن الاعتذارات التى خرجت من قيادات جماعة الإخوان المسلمين للشعب المصرى والمبادرة التى صاغها حمزة زوبع، المتحدث الإعلامى لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين ما هو إلا اجتهاد شخصى منه للخروج من الأزمة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وتابع "أما تصريحات الهارب محمود حسين أو عصام العريان طبيعية جداً، فهم لم يشعرا بعد بما أصاب الجماعة ويريدان التضحية بشباب الجماعة من أجل حمايتهما والضغط على السلطة المصرية".
واستطرد "شكر"، "على الجماعة ترتيب أوضاعها والقبول بما حدث يوم 30 يونيو، وإلا أصابها مزيد من التفكك والانهيار".