سيطرة قانون الغابة بجمهورية كرداسة بعد مجزرة الشرطة.. والجهادى نصر الغزلانى يحكم.. والإخوان يجذبون المحتاجين بأموال الجمعية الشرعية.. والجبل معقل الإرهاب.. وتحديد مكافآت لمن يدل على الضباط والجنود
السبت، 24 أغسطس 2013 - 06:14
مجزرة كرداسة
كتب محمد المندراوى
أصبحت مدينة كرداسة الواقعة شمال محافظة الجيزة ما بين حى صفط اللبن ومنطقة أبو رواش الصناعية حديث الصباح والمساء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بعد مذبحة قسم كرداسة التى لم تشهد مصر مثلها بعد أحداث أسيوط فى الثمانينات، وراح ضحيتها مأمور مركز الشرطة، ونائبه وعقيد ومعاونا المباحث 7 آخرين من الأمناء والجنود والتمثيل بجثثهم واستخدام قذائف "آر بى جى"، والبنادق الآلية فى اقتحامه وإشعال النيران به.
الأحداث الأخير لم تتوقف بعد مجزرة قسم الشرطة بكل ما تحمله من بشاعة بل امتدت بإعلان قيادات الجماعة الإسلامية مدينة كرداسة جمهورية داخل جمهورية بقيادة محمد نصر الغزلانى، القيادى الجهادى الذى أفرج عنه بعفو رئاسى فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، وتهديد الأهالى بعدما أصبح قانون الغابة هو الحاكم فى غياب الأمن، ومن يملك السلاح هو الأقوى.
عندما يدخل أحد الغرباء إلى "كرداسة" لأول مرة يشعر أن ثمة شيئا مريبا يحدث داخل أزقة المدينة، فعند الدخول من الطريق المقابل لحى صفط اللبن تجد مخلفات البناء بوسط الطريق لإعاقة السيارات حتى تسير ببطء لمعرفة من بداخلها، أما المدخل الآخر تجد أجزع النخيل ملقاة فى الشارع بشكل متعمد، بينما الطريق الآخر مدجج بجبال من الرمال فى شكل لولبى فى مشهد مماثل لما حدث فى اعتصامى رابعة العدوية بمدينة نصر وميدان نهضة مصر بالجيزة، ونجح فريق عمل "اليوم السابع" فى اجتياز هذه العواقب، وبمجرد الدخول تجد النظرات تخترق كل غريب يدخل المدينة، فالحسرة تملأ أعين الأهالى، ونظرة ترقب وتربص من الإسلاميين.
وتوجه "اليوم السابع" إلى مقر وقفة احتجاجية أمام أحد أشهر المساجد بمدينة كرداسة ويدعى سلامة الشاعر للرفض الإرهاب والتنديد بمجزرة مركز الشرطة والتمثيل بالجثث، حيث تجمهر العشرات أمام المسجد رافعين لافتات مؤيدة للقوات المسلحة ومنددة للإرهاب منها: "كرداسة ليست إرهابية.. وضد قتل الإنسان.. وأهالى كرداسة تنعى الشهداء.. وأيد واحدة ضد الإخوان.. والجيش والشعب أيد واحدة"، ويحمى عدد من الأهالى المسيرة بالأسلحة الخرطوش استعدادا لتعرض الإسلاميين للوقفة، وبالفعل تعرض بعض المنتمين إلى الجماعة الإسلامية إلى شخص يرفع لافتة مؤيدة للجيش وقام بتمزيقها وتدخل الأهالى لتهدئة الموقف.
وتمكن "اليوم السابع" بعد محاولات كثيرة مع الأهالى لسرد ما يحدث معهم بالمدينة من قبل الإسلاميين تشجع أحد المواطنين المنتمى إلى أحد العائلات الكبيرة بكرادسة للتحدث بعد عناء طويل مطالبا بعدم ذكر اسمه بسبب خوفه على سلامته وأولاده وبدأ حديثه قائلا: "قانون الغابة هو من يحكم المدينة الآن ومن معه السلاح هو الأقوى أو بمعنى أصح الإسلاميين ولكن طبيعة السكان هنا مثل الصعيد ونظام العائلات وهذا ما يمعنهم من إلحاق الأذى بأهل كرداسة أما الجزء غير المنتمى لعائلة كبيرة هو المشكلة، حيث يتم استخدامهم فى المظاهرات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسى، والأهالى تشفق عليهم بسبب أنه لا بديل لديهم من عمل هذا لأن الجمعية الشرعية التابعة لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين يصرف لهم أموال بصفة دورية لإعانتهم ومن ثم استغلالهم".
بينما يتجول "اليوم السابع" بشوارع المدينة لرصد ما يحدث بها، تعرض أحد الأهالى لفريق العمل لمعرفة من هؤلاء الغرباء الذين يتجولون فى جمهورية كرداسة من مشارقها إلى مغاربها، وبعد توضيح الموقف والتأكد من انتماء فريق العمل إلى جريدة "اليوم السابع" قال "اتبعونى" وتم الانتقال إلى مكان آمن حتى يتمكن من الحديث معنا وبدأ حديثه قائلا: "أنا مؤيد للجيش ويتم إرهابنا بطرق شتى ومنها وضع علامات على منازل المؤيدين، وحدث ذلك على بيتى بعد عودتى من وقفة احتجاجية أمام مسجد معروف بكرادسة يدعى سلامة الشاعر للتنديد بالإرهاب ومجزرة مركز الشرطة البشعة وجدت العلامة على بيتى مما أصابنى بالفزع ويقوم الإسلاميون بكتابة مصر إسلامية ويسقط حكم العسكر كنوع من الترهيب والإنذار".
وبعدما أوشكت رحلة "اليوم السابع" على الانتهاء شاركنا رجل من أحد العائلات المعروفة بالمدينة ليخرجنا سالمين منها، ولكنه أصر على أن نتوجه إلى بيته أولا لعمل واجب الضيافة بينما هو فى حقيقة الأمر كان يريد توضيح بعض الأمور الملتبسة، ودخل فرق العمل المنزل وشرع الرجل فى الحديث قائلا: "إن مجزرة كرداسة مرتكبوها من خارج المدينة ويقطنون بجبل قريب منها بجوار منطقة أبو رواش الصناعية ومنتمين للجماعة السلفية الجهادية بقيادة محمد نصر الغزلانى، ويقومون بحماية حدود الجبل بالأسلحة الآلية ومن يذهب إلى هناك يعرض حياته للخطر، بالإضافة إلى أن المقابر الموجودة فى أخر المدينة تحت احتلال الجهاديين".
وبعد تحدث الرجل فى بيته ورفضه ذكر أسمه لخطورة الموقف تجمع أعضاء المنزل داخل الحجرة المتواجد بها فريق عمل "اليوم السابع" والبالغ عددهم 15 فردا مطالبين بنزول قوات الجيش والشرطة للتخلص من تهديدات الإسلاميين للأهالى، مؤكدين على أنهم أول من يكونوا فى ظهر القوات لمساعدتهم، وبعد العزم على النهوض ومغادرة المنزل اعترضنا فريق العمل شاب قائلا: "أريد توضيح بعض الأمور، حيث أننى جندى فى القوات المسلحة والإسلاميين هنا يكفروننى على أداء واجبى تجاه بلدى، ولم يصل الأمر إلى مجرد التكفير حيث رصدت الجماعة الإسلامية مكافأة مالية لمن يأتى أو يدل على رأس الضابط سواء من الجيش أو الشرطة مبلغ 50 ألف جنيه، والجندى 25 ألف جنيه",
وغادر "اليوم السابع" منزل أحد قاطنى مدينة كرداسة ثم المرور بشارع به محلات معظمها مغلقة وعند السؤال اتضح إنه يدعى شارع السياحة وبعد الأحداث أغلقت معظم المحلات أبوابها وهذا ليس الشارع الوحيد المتأثر حيث توقف العمل أيضا بشارع "القمامة" وقامت شركات بالتصفية لعمال لمجرد معرفة الإدارة أنهم من أهل كرداسة.