لا حديث للمصريين اليوم يعلو عن ما قيل عنه بأنه "تعريب التعليم"، حيث أثار حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى، وخلق حالة قلق بين أولياء أمور طلبة المدارس التجريبية، فى حين شهد ديوان عام وزارة التربية والتعليم تظاهر عدد من أولياء أمور طلبة المدارس التجريبية والقومية ضد ما سموه بـ "تعريب المناهج"، لكن ما حقيقة هذا التعريب، وكيف سيتم ولماذا أغضب الأهالى؟.
الحقيقة يوضحها وزير التعليم والذى نشر الخطة الكاملة لنظام التعليم الجديد على صفحته الشخصية على موقع "فيس بوك" فى الساعات الأولى من صباح اليوم، وموضحا حقيقة ما قيل أنه "تعريب للمناهج" بقوله: "إننا لسنا أمام قضية "تعريب" من الأساس، ولكن نحن أمام طريقة أخرى فى تعليم الرياضيات والعلوم المختلفة باللغات الأجنبية ولكن ليس فى المرحلة الابتدائية".
فما هى الطريقة الجديدة إذن؟، يقول الوزير إن النظام الجديد يقضى بتعليم اللغة الإنجليزية من مرحلة رياض الأطفال كمادة منفصلة، بينما يتم تدريس مواد "اللغة العربية، والتاريخ، والجغرافيا، والعلوم، والرياضيات" فى باقة متعددة، وبحسب وزير التعليم فإن الطفل سيدرس اللغة الإنجليزية منذ اليوم الأول فى كافة مدارس الدولة حسب هذا النظام الجديد، أما "اللغة الأم" أو العربية فسيتم دراسة بقية المواد بها، على عكس ما كان معمولا به فى المدارس التجريبية والقومية.
أما السؤال فهل ستضيع المصطلحات العلمية الإنجليزية لمواد الرياضة والعلوم؟، الإجابة يقولها بقطعية الدكتور طارق شوقى فى شرحه للنظام الجديد، حيث أكد أنه سيتم إضافة المصطلحات العلمية والرياضية لتدريس اللغة الإنجليزية من رياض الأطفال حتى الصف السادس الابتدائى، وبذلك سيكون الطفل عالما بالمصطلحات باللغة العربية وما يعادلها فى اللغة الإنجليزية.
لكن هل سيظل هناك انفصال بين "اللغة الإنجليزية" و"المواد العلمية"؟، يوضح وزير التعليم بقوله إنه فى المرحلتين الإعدادية والثانوية سيتم تحويل دراسة المواد العلمية والرياضية إلى اللغة الإنجليزية بعد الاطمئنان أن اللغة العربية قد تم "تثبيتها" كلغة أم فى القراءة والكتابة مع إتقان اللغة الإنجليزية فى ذات الوقت.
كما سيتم إضافة لغة أجنبية أخرى فى الصف الأول الإعدادى، وبهذا ينتهى الطالب من مرحلة التعليم قبل الجامعى وهو متمكن من اللغة العربية، ويتقن لغتين أخريين، ويدرس العلوم والرياضيات بالإنجليزية، وبهذا يكون الطالب قد نال تعليما معاصرا بمعايير عالمية، مع التمسك ببناء شخصية سوية فى تنافس مباشر وشريف مع ما كانت تقدمه المدارس التجريبية أو الخاصة لغات فى المدارس التجريبية.
ويختم الوزير شرحه للأمر قائلا: "القضية ليست تعريبا، وإنما نظام جديد بكل أركانه يجعل المدارس الحكومية المجانية على مستوى عالمى، ولا يدفعنا لأنواع أخرى من التعليم اضطررنا إليها عندما كان التعليم الحكومى المجانى لا يقدم الجودة المرجوة".
الخبير فى مجال التعليم، والنائب البرلمانى فايز بركات، قال لـ"اليوم السابع" يرى أن هذه الطريقة الجديدة، جاءت لتقضى على التشوه الذى أحدثه وجود "المدارس التجريبية"، وتخلق نظام تعليم جديد يصنع طالبا وطنيا مفكرا ومبتكرا ليس فى المدارس التجريبية فقط – وهى قلة من المدارس – ولكن فى جميع المدارس الحكومية العادية.
ويضيف بركات أن "المدارس التجريبية" خلقت طالبا فى المنتصف، لا هو أجاد الإنجليزية بشكل تام، ولا أجاد العربية، والدليل على ذلك أن أولياء أمور طلاب المدارس التجريبية أنفسهم تظاهروا العام الماضى أمام ديوان وزارة التربية والتعليم من أجل أن تقوم الوزارة بتوزيع ورقة اسئلة امتحان طلاب المدارس التجريبية باللغة العربية، ليكون أمام الطالب ورقتى اسئلة أحدهما باللغة الأم، والثانية باللغة التى درس بها، وهو ما يعنى أن هؤلاء الأهالى لم يكونوا واثقين فى قدرة أبنائهم على إجادة العلوم باللغة الإنجليزية.
ويتابع النائب البرلمانى وخبير التعليم قائلا، إنه فى دائرته بمركز أشمون بمحافظة المنوفيه لديه 3 مدارس تجريبية، يتكالب الأهالى على إدخال ابنائهم فيها منذ مرحلة رياض الأطفال، كما يسعون للحصول على استثناءات بقبولهم فيها، واضطرت الإدارة التعليمية بأشمون إلى افتتاح فصول رياض أطفال جديدة فى المدارس التجريبية، ولكن فى المقابل حين تنظر إلى الصفوف الثانوية فإنك لا تجد طالبا واحدا يدرس بها، حيث يحول هؤلاء الطلاب إلى مدارس أخرى حكومية باللغة العربية، وهو ما يدل بشكل واضح على وجود هذا الطالب "النصف" فلا هو اتقن العربية ولا أجاد الإنجليزية.
ويستكمل فايز بركات بقوله أن النظام الجديد سيحل كل المشكلات السابقة التى عانينا منها، من وجود طلاب يصلون إلى مرحلة الجامعة فيصطدمون بعدم القدرة على التعامل مع التعليم الجامعى ومصطلحاته الإنجليزية، فسنكون أمام طالب درس هذه المصطلحات منذ رياض الأطفال، كما وعى معناها بلغته الأم، وبدأ فى دراستها من الإعدادية باللغة الأجنبية.
واختتم النائب البرلمانى حديثه داعيا من أسماهم بـ "مدعين الفهم" بأن يصمتوا ويتركوا الكلام للمتخصصين، ومشيرا فى الوقت ذاته إلى وجود "أصحاب مصالح" يتحدثون لإثارة الرأى العام دون استيعاب حقيقة ما يجرى، وهو ما دفع بعض الأهالى للاعتراض، فى حين أن النظام لن يطبق أصلا على أبنائهم، بل سيظل النظام القديم ساريا وسيبدأ التطبيق فقط على الأطفال الذين سيدخلون للحضانة من عام 2019.