الاحكام النظرية لعلم التجويد- مراتب التلاوة
يعرض المدرس على شاشة الحاسب الآلي درجات من اللون الأحمر، وإن لم يكن يستخدم الحاسب الآلي كوسيلة إيضاح يعرض ذلك عرضًا يدويًّا بواسطة أوراق أو أية وسيلة أخرى يبتكرها المدرس.
التمهيد:
انظر إلى الحاسب الآلي الذي يستطيع أن يخرج عشرات الألوان من اللون الأحمر، ولكن العين البشرية لا ترى إلا ثلاث درجات منها، مثلًا: الأحمر الغامق, والأحمر الفاتح, والأحمر المتوسط ويربط المدرس ذلك بعلم التجويد. يعرض المدرس قراءة شيوخ بسرعات مختلفة.
التوضيح والربط:
لا شك أن سرعة الفم الإنساني في التلاوة تتغير من بطء إلى سرعة كما أن العين لم تدرك إلا ثلاث درجات من اللون الأحمر, فالأذن البشرية لا تضبط وتدرك من تلك السرعات الكثيرة إلا ثلاثة أنواع وهي: البطء في التلاوة، والسرعة في التلاوة، والتوسط بين البطء والسرعة، (يعرض المدرس سورة من جزء عم بصوت شيخ قارئ بمراتب التلاوة الثلاث: التحقيق ـ الحدر ـ التدوير ـ العرض: لقد سمعت سورة البينة من الشيخ ثلاث مرات.
س: ما الفرق بين كل مرة قرأ فيها الشيخ؟
ج: المرة الأولى قرأ الشيخ سورة البينة ببطء. المرة الثانية قرأها بسرعة. المرة الثالثة قرأها بين هذا وذاك, لم تكن سريعة ولم تكن بطيئة.
س: ماذا تسمى تلك السرعات في القراءة؟
ج: تسمى بمراتب التلاوة.
س: ما معنى مراتب التلاوة كما فهمته من قراءة الشيخ؟
ج: مراتب التلاوة هي القراءة بتؤدة، أو الإسراع، أو التوسط في سرعة التلاوة بين بين مع الاهتمام بأحكام التجويد, ومهارة القارئ, ورياضة اللسان لهما دور في إتقان التلاوة, وجميع المراتب اعتنت بأحكام التجويد.
س: ما أسماء تلك المراتب
ج: التحقيق ـ الحدر ـ التدوير.
س: ما تعريف التحقيق لغة؟
ج: التحقيق لغة هو مصدر من حققت شيئًا أي عرفته يقينًا، والعرب تقول: بلغت حقيقة الأمر أي بلغت يقين شأنه, والاسم منه (الحق) ومعناه أن يؤدي الشيء على حقه دون زيادة فيه ولا نقصان([32]).
س: ما تعريف التحقيق اصطلاحًا (أي عند علماء التجويد)؟
ج: التحقيق اصطلاحًا: هو إعطاء الحروف حقها من إشباع المد، وتحقيق الهمز، وإتمام الحركات، وتوفية الغنات، وتفكيك الحروف بعضها من بعض، بالسكت والترسل واليسر والتؤدة، وملاحظة الجائز من الوقف, ومجمل القول هو البطء والترسل في التلاوة مع مراعاة جميع أحكام التجويد من غير تمطيط.
س: ما تعريف الحدر لغة؟
ج: أصل الحدر لغة: هو الحط، وكل ما حططته من علو إلى أسفل فقد حدرته، وهو مصدر من حدر يَحْدُر (بالضم) إذا أسرع، فهو من الحدور والانحدار الذي هو الهبوط([33])، لأن الإسراع في الهبوط أشد وأكثر من الصعود إذا ركبت سلمًا فالوقت الذي يستغرقه الهبوط أقصر من الوقت الذي يستغرقه الصعود بسبب الجاذبية الأرضية.
س: ما تعريف الحدر اصطلاحًا (أي عند علماء التجويد)؟
ج: الحدر اصطلاحًا: هو القراءة السهلة السريعة الخفيفة دون الإخلال بالحروف, بل أداء كل حرف وإعطائه حقه من السكون والحركة والمد وذلك بالمرور على هذه الشروط مرورًا سريعًا دون دمج.
س: ما تعريف التدوير لغة؟
ج: التدوير لغة: هو جعل الشيء على شكل دائرة أي حلقة، قال عنه ابن الجزري في النشر: هو عبارة عن التوسط بين المقامين من التحقيق والحدر.
س: ما تعريف التدوير اصطلاحًا؟
ج: التدوير اصطلاحًا: هو عبارة عن التوسط بين مرتبتي التحقيق والحدر مع مراعاة أحكام التجويد.
س: ما تعريف الترتيل لغة؟
ج: الترتيل([34]) لغة: مأخوذ من قول العرب ثغر مرتل.... تقول العرب: الفم المرتل الذي أسنانه مصفوفة إلى جانب بعضها سنًا سنًا ولا توجد سن تركب على سن أو تخفي خلفها جزءًا من السن الأخرى, وكل سن على حدةٍ، وكان العرب يعتبرون ذلك مزية في الفم, ولتوضيح ذلك أكثر كما نقول في العامية: الطابور الرتل أي يقف كل طالب خلف الآخر سواء كان أحاديًّا أو ثنائيًّا، أي كل تلميذين خلف تلميذين..
س: ما تعريف الترتيل اصطلاحًا؟
ج: الترتيل اصطلاحًا: هو ما أمر به الله نبيه ﷺ قال تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ وقال ابن عباس (بيِّنه)، وقال مجاهد:(تأنَّ فيه)، وقال الضحاك: (انبذه حرفًا حرفًا) كأن الله تعالى يقول: (تثبت في قراءتك وتمهل فيها وافصل الحرف من الحروف التي بعده، ولم يقتصر سبحانه على الأمر بالفعل (رتل) حتى أكده بالمصدر (ترتيلًا) اهتمامًا به وتعظيمًا له ليكون ذلك عونًا على تدبر القرآن وفهمه وكذلك كان الرسول ﷺ يقرأ([35]).
س: هل معنى ذلك أن المراتب الثلاث الأخرى ينقصها التدبر والفهم؟
ج: إن الترتيل ليس له مرتبة خاصة، ولكنه يعم المراتب الثلاث الأخرى، أي يجب أن يشملها أمر الله نبيه في قوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾. إذن الترتيل: هو بيان حروف القرآن حرفًا حرفًا، ونحن مأمورون به سواء كان في التحقيق أو الحدر أو التدوير، لأن القرآن نزل لفهمه وتدبره والعمل به لقوله تعالى: ﴿ لَيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾ [ص: 29].
س: أي المراتب أفضل؟
ج: قال البعض: إن الحدر أفضل، حين سئل ابن مجاهد من أقرأ الناس؟ فقال: من حقق في الحدر, ومن قال أفضلها التحقيق مع التدبر، وإن كان مع قلة القراءة لأن المقصود من القرآن فهمه والعمل به, وما تلاوته وحفظه إلا وسيلة لذلك، فجميع المراتب جائزة، فلكل مرتبة منزلتها... التحقيق للتعليم, والحدر للدراسة والاستذكار, والتدوير للفهم والتدبر.
استنتاج التلاميذ:
يقوم المدرس بتلخيص ما استنتجه التلاميذ وكتابته على السبورة بخط واضح أو يظهر ذلك التلخيص على شاشة الكمبيوتر. مراتب التلاوة ثلاث وهي: التحقيق ـ الحدر ـ التدوير.
التحقيق: هو البطء في القراءة.
الحدر: هو الإسراع في القراءة.
التدوير: هو التوسط بين الإسراع والبطء. مع مراعاة الأحكام التجويدية في جميع المراتب, وجميع المراتب جائزة بشرط أن يشملها الترتيل بأداء الأحكام التجويدية والتدبر والفهم, ونحن مأمورون به كما قال تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ ولكن لا بد من توخي الحذر في التحقيق من التمطيط والإفراط والمبالغة في التشديد والغنن وفي المد والإدغام والإشباع في الحركات حتى لا تتولد منها حروف مدية وتكرير الحركات وتطنين النونات وغير ذلك مما تنفر منه العقول ولا تستسيغه الأسماع والقلوب.
ولا بد من توخي الحذر في الحدر من الإدماج والسرعة اللذين يؤديان إلى قصر المدود أو تركها أو ذهاب الحروف أو الغنن أو اختلاس الحركات.