المطلب الثاني:مقابلات الكتلة النقدية والمجمعات النقدية.
إن للكتلة النقدية مقابلات, بحيث أن إصدار الكتلة النقدية ووضعها تحت تصرف الوحدات الاقتصادية من أفراد و مؤسسات لا يتم إلا بمقابل و هذا لا يكون مصدره إلا العمليات الحقيقية, كما أن مكونات الكتلة النقدية يتم تصنيفها إلى مجموعات يطلق عليها اسم المجمعات النقدية و فيما يلي سنتناول مقابلات الكتلة النقدية و كذا المجمعات النقدية.
الفرع (1):مقابلات الكتلة النقديةles contres parties de la masse monétaires
توضع الكتلة النقدية في جهة الخصوم من ميزانية البنك المركزي لأنها تعتبر ديون عليه فإن في جهة الأصول نجد مقابلات الكتلة النقدية.
أما عن العناصر المكونة للمقابلات الكتلة النقدية فتتمثل فيما يلي:
1) الذهب و العملات الأجنبية:
* الذهب: يتكون الرصيد الذهبي من مجموع السبائك و القطع النقدية الذهبية لدى البنك المركزي ويستعمل الرصيد الذهبي لتغطية إصدار النقد القانوني ولكن نظرا لإهمال نظام قاعدة الذهب, فقد تقلص هذا الدور إلى حد بعيد , و يستعمل الذهب في التسويات الدولية, إذ عادة ما تلجأ الدولة إلى استعمال الذهب في المدفوعات الخارجية عندما يحدث عجز في ميزان المدفوعات أثناء حدوث الأزمات الاقتصادية, حيث تفقد الدول ثقتها في العملات الوطنية, إذ يمثل الذهب قوة شرائية عالمية[14].
* العملات الأجنبية: و يتمثل خاصة في عملات الاحتياطي الدولي أو السيولة الدولية خاصة الدولار الأمريكي الذي يشكل الجزء الهام من وسائل الدفع الدولية.
ويؤثر رصيد الذهب و العملات الأجنبية على إصدار النقد المحلي أي يؤثر على وسائل الدفع الداخلية ذلك نتيجة عمليات التصدير ز الاستيراد للسلع و الخدمات[15].
ففي حالة ما إذا قام بلد ما بعمليات التصدير أو جلب أموال خارجية الاستثمار فإنه يحصل على عملات أجنبية عن طريق حساب خاص بالبنك المركزي مقابل السلع المصدرة و بما أن العملات الأجنبية لا تستعمل في المبادلات الداخلية فإن على البنك المركزي إصدار ما قيمة ذلك بالعملة الوطنية و بالتالي فإن التصدير يسبب في إصدار عملة وطنية جديدة[16].
وفي حالة ثبوت العكس أي في حالة الاستيراد أو إخراج أموال خارج الوطن, وجب على المستورد أن يوفي ديونه بالعملة الأجنبية فإنه يقدم المقابل بالعملة الوطنية إلى البنك المركزي الذي يحوله إلى عملة أجنبية قبل إرسالها إلى الخارج وهكذا ينخفض احتياطي العملات الأجنبية للبنك المركزي و تنخفض معه في نفس الوقت كمية النقد المتداولة في السوق[17].
وبالتالي فإن عمليات التصدير للسلع و الخدمات المحلية إلى الخارج تزيد من حجم الكتلة النقدية المحلية و كذا توارد رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلاد من أجل الاستثمار أو القروض أو قبض فوائد رؤوس الأموال الوطنية المستثمرة في الخارج و كذا عوائد اليد العاملة المهاجرة و يحدث العكس عندما تتسرب هذه العمليات نحو الخارج و بالتالي تقلص في حجم الكتلة النقدية المحلية[18].
2) القروض المقدمة للاقتصاد: و المقصود به هو الائتمان المقدم من طرف البنوك التجارية لتمويل العمليات الاقتصادية من استثمار و إنتاج و تسويق و استهلاك و يقدم هذا الائتمان إلى الأفراد و المؤسسات سواء في صورة قروض مباشرة أو خصم كمبيالات أو فتح حسابات و في جميع هذه الحالات تكون هناك عملية خلق نقود ودائع مقابل تقديم الائتمان, مما يؤدي إلى زيادة حجم الكتلة النقدية و إضافة إلى ذلك يمكن أن تلجأ البنوك التجارية إلى البنك المركزي عندما تكون بحاجة إلى سيولة من أجل إعادة خصم بعض الأوراق التجارية أو الاقتراض منه مباشرة, فيصدر البنك المركزي نقودا قانونية جديدة لتلبية احتياجاتها و في كلتا الحالتين يتغير حجم الكتلة النقدية بالزيادة.
والائتمان المقدم للاقتصاد قصير الأجل أكثر تأثيرا على الكتلة النقدية لأنه عادة ما يغطى بالودائع الجارية (تحت الطلب), أما الائتمان المتوسط وطويل الأجل فيرتبطان بالودائع لأجل و الودائع الاختيارية على التوالي[19].
3) القروض المقدمة للخزينة العمومية: نعلم أن الخزينة العمومية هي التي تسير مال الدولة فهي التي تقوم بتحصيل إيرادات الدولة و تمويل نفقاتها ز لكن غالبا ما لا تتوصل إلى تغطية هذه النفقات بالإيرادات العادية(الضرائب ذلك خاصة مع توسع نشاط الدولة لذلك فإن الخزينة العمومية تلجأ إلى البنك المركزي كما تتوجه للبنوك التجارية و إلى الوحدات الاقتصادية (عائلات مشروعات) لتزويدها بالموارد النقدية التي تحتاج إليها لسد العجز في ميزانية الدولة و تشمل القروض المقدمة للخزينة العمومية على ما يلي:
·التسبيقات المقدمة من كرف البنك المركزي.
·السندات التي تكتب فيها المؤسسات المصرفية و المالية.
·السندات التي يكتب فيها الجمهور (عائلات, مشروعات)[20].
الفرع (2):المجمعات النقدية.
حيث يتم تصنيف مكونات الكتلة النقدية إلى مجمعات نقدية و الغاية من ا التصنيف هو التمييز بين هذه المكونات و ذلك بشكل منطقي و قد تم ترتيب ه المجمعات وفقا لدرجة السيولة التي تتمتع بها مكونات الكتلة النقدية.
و بالتالي يتم تقسيم لكتلة النقدية إلى المجمعات التالية:
المجمع النقدي الأول(1M): بحيث يقع في قمة تركيب الكتلة النقدية نجد ما يسمى بالقاعدة النقدية la base monétaire
و التي تتمثل في النقد القانوني أو نقد البنك المركزي و التي تتكون أساسا من الأوراق النقدية مضافا إليها مختلف القطع النقدية الجزئية وذلك إضافة إلى مبلغ الودائع تحت الطلب و التي تتمثل في أرصدة الحسابات الجارية المفتوحة لصالح الجمهور لدى البنوك التجارية و مراكز الشيكات البريدية و حتى لدى الخزينة العمومية و البنك المركزي و بالتالي نحصل على المجمع النقدي الأول (1M) و الذي يتمتع بسيولة عاليةجدا, كما أن هذا المجمع يحتوي على مجموع وسائل الدفع و التي تمكن الوحدات الاقتصادية من الاختيار المباشر و الآني بين كل السلع و الخدمات كما يمكنها من تسوية ديونها الناشئة عن التبادل.
إن تعريف المجمع (1M) كمجموع وسائل الدفع يقتضي عدم الأخذ في الحسبان لاحتياطات البنوك نظرا لأنها غير معدة لشراء السلع و الخدمات.
ويطلق على هذا المجمع بالكتلة النقدية بالمعنى الضيق[21].
المجمع النقدي الثاني(M2): بالإضافة إلى المجمع الأول, نجد نوع آخر من الودائع المسجلة في ميزانيات البنوك التجارية و هي ما تسمى بالودائع لأجل و هي تلك الأموال التي يودعها الزبون في البنك مع امتناعه عن طلبها قبل انقضاء أجل معين.
و كذا الودائع الدفترية أو ودائع الادخار الموجودة لدى البنوك التجارية و التي بتم تداولها بواسطة الدفتر
بدلا من الشيك.
و يتميز هذا المجمع بسيولة أقل من المجمع الأول بحيث يمكن تحول هذه الودائع إلى وسائل دفع و لكن ليس عند الطلب, و إذا تم ذلك فإنها تتحمل بعض التكاليف كالتنازل عن الفوائد أو تحمل لتكاليف المعاملات.
و يمكن القول بأن المجمع (M2) هو مجمع وسائل الاحتفاظ المؤقت للقوة الشرائية.
ويطلق على هذا المجمع الكتلة النقدية بالمعنى الواسع[22].
المجمع النقدي الثالث(M3): بالإضافة إلى المجمع النقدي الثاني فإن المجمع النقدي الثالث يضم الودائع لأجل و الموجودة لدى المؤسسات المالية و غير المصرفية و هي تلك الودائع الموجودة لدى صناديق التوفير و الاحتياط, و كذا سندات الخزينة العمومية و المكتب فيها من طرف الخواص و المؤسسات غير المالية, و نظرا لكون هذه المؤسسات لا تنتمي إلى القطاع المصرفي فإنها غير مراقبة بشكل وثيق من طرف السلطات النقدية.
·ويمكن القول بأن المجمع الثالث هو المجمع الذي يضم وسائل تخزين القيم.
·كما يطلق عليه اسم السيولة الكلية للاقتصاد في لحظة معينة.[23]
هذه المجمعات المكونة لعناصر الكتلة النقدية و الموجودة في اقتصاد معين كما يمكن إضافة مجمعات نقدية أخرى , حيث أنه في فرنسا يضاف مجمع نقدي رابع(M4) .