فرضيات الدراسة
فروضيات البحث: ماهيتها وأنواعها وشروطها ومصادرها
أولا : التعريفات
1- تعرف الفروض Hypotheses بأنها إجابة مؤقتة عن الأسئلة البحثية التي تطرحها مشكلة الدراسة، وتتم صياغتها في شكل علاقة بين المتغير المستقبل والمتغير التابع، أو هي توقعات خاصة للباحث يتصورها من خلال المتغيرات الخاصة بمشكلة البحث.
2- من الخصائص التي يتميز بها الفرض العلمي أنه يحدد أولاً المتغيرات التي ستتمحور حولها الدراسة، ويشير ثانيًا إلى النتائج المتوقع الوصول إليها،وأخيرًا هو بمثابة محاولة لتفسير ظاهرة معينة تستدعي اختبارًا للتثبت من صدقها.
3- توضع الفروض بعد تحديد مشكلة البحث أو الظاهرة المراد دراستها، وبعد الدراسات السابقة والتعليق عليها؛ لأنها في الأساس معتمدة عليها، وعلى نتائجها، ومستمدة منها.
4- تتم صياغة الفروض بغرض اختبارها، وهي مرشحة للقبول أو الرفض على حدٍّ سواء،ومن ثَم فإنه ليس من الضروري أن تكون جميع الفروض صحيحة.
5- هناك دراسات تتكون من فرض رئيس ودراسات أخرى لها أكثر من فرض، ومن الأفضل أن يستخدم الباحث عدة فروض.
6- تختلف الإجراءات والتصميم المستخدم والأدوات والمعالجة الإحصائية من فرض إلى فرض، وأحيانًا في الفرض الواحد.
7- تفسر الفروض - بصورة تقريبية - أنماطًا سلوكية محددة، ترتبط بظاهرة ما، أو حدث ما، أو واقعة أو مشكلة تامة حدثت يتم التفسير عنها، ويتوقع الباحث أنها سوف تحدث في المستقبل.
ثانيًا: شروط صياغة الفروض:
هناك مجموعة من الشروط والضوابط التي يجب مراعاتها؛ حتى تكون الفروض قائمة على أسس صحيحة، وهي:
1- أن يتوقع الباحث أن تعطي فروضه حلاًّ فعليًّا للمشكلة التي يدرسها.
2- الوضوح والإيجاز: بمعنى أن تكون العبارات التي تصاغ فيها الفروض واضحة ومختصرة، وموجزة توحي بوجود علاقة بين المتغيرات.
3- القابلية للاختبار بمعنى ألا تكون ذات عمومية بطريقة يستحيل التحقق منها.
4- أن تعرف المصطلحات التي تتضمنها الفروض إجرائيًّا بألفاظ تجعلها قابلة للقياس.
5- أن تكون صياغة الفروض خالية من التناقض، وألا تكون منافية لوقائع علمية مُتفق عليها، وأن تكون متسقة مع نتائج البحوث الأخرى التي سبقتها في مجالها.
6 - أن تكون خالية من الأحكام ذات الصلة بالقيم، وألا تتناول العقائد، فالعقائد لا تخضع للتحقق.
ثالثًا: المصادر التي تساعد الباحث على وضع الفروض:
1 - أقوى الفروض هي تلك التي يستخلصها الباحث من خبرته المتخصصة في ميدان معرفي معين، ومن اطلاعاته وقراءاته في النظريات والدراسات السابقة المتعلقة بموضوع دراسته، وعلى الباحث أن يتأكد في حالة تبنيه لنظرية ما يشتق منهافروضه، أن هذه الفروض تعبر عن بعض مضامين تلك النظرية.
2- الخيال العلمي للباحث، ويشمل قدرته على الربط المنطقي بين خياله والواقع، وهذا ما يسمى بالقدرة الابداعية؛ لأنه ينطلق من ملاحظة وتجربة سابقة.
3- المصادر البيئية مثل المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه الباحث.
4- عن طريق الحدس أو من خلال توليفة من كل هذه الأساليب المذكورة.
رابعًا: أنواع الفروض:
يقسم الباحثون الفروض إلى فروض بحثية وفروض إحصائية:
تُصاغ الفروض البحثية بطريقة إثباتية تقريرية في صورة جمل قصيرة وبسيطة، يعبر من خلالها الباحث عن تفسيره لظاهرة، أو استنتاجه علاقة سببية أو ارتباطية معينة، وتنقسم إلى فروض موجهة أو مباشرة، وفروض غير موجهه أو غير مباشرة، ويقوم تبني الفروض البحثية على أساس دليل أو برهان أو حقائق علمية، يظهر من خلال الإطار النظري والدراسات السابقة للموضوع.
أما الفروض الإحصائية، فتصاغ في صورة رياضية لذلك التفسير أو الاستنتاج، يتم اختبارها من خلال الاختبارات الإحصائية المختلفة، وهي على نوعين: الفرض الصفري، والفرض البديل.
1- الفروض البحثية:
أ- الفرض الموجه:
يستخدم الباحث الفرض الموجه عندما يتوقع أن هناك علاقة مباشرة بين متغيرات الدراسة؛ سواء أكانت إيجابية، أو سلبية، أو أن تكون هناك فروق ذات اتجاه واحد محدد، كأن يتسبب وجود متغير مستقل في وجود متغير آخر تابع، أو عدم وجود متغير مستقل معين في عدم وجود المتغير التابع، أو أن تتسبب زيادة أو نقص في المتغير المستقل في زيادة أو نقص في المتغير التابع. ومن أمثلة الفرض الموجه: "كلما حصل الموظف على ترقية، زاد طموحه الوظيفي"، أو "كلما زاد دخل الفرد، قلَّ رضاه"، أو "كلما زادت الرقابة المباشرة، انخفضت معنويات الموظفين وغيرها من الأمثلة الموجهة".
ب- الفرض غير الموجه:
يستخدم الباحث الفرض غير الموجه عندما يريد أن يعبر عن وجود علاقة بين المتغيرات، لكنه لا يعرف بالتحديد اتجاه تلك العلاقة، أو لا يمكنه تحديد اتجاه معين لتلك العلاقة بين المتغيرات، أو أنه ينفى معرفة اتجاه العلاقة، ومن أمثلة هذا النوع من الفروض: "توجد علاقة بين طبيعة العمل والانتظام في الدوام الرسمي"، أو "توجد علاقة بين تسرُّب أعضاء هيئة التدريس وأنماط القيادة السائدة".
يشير الفرض غير الموجه إلى وجود فرق دالٍّ، لكن مستوى دلالة أو مقداره هذا الفرق هنا غير محدد، ومن ثَمَّ فالفرض هنا غير موجه؛ لأنه لم يتم تحديد مستوى الدلالة بالضبط.
2- الفروض الإحصائية:
الفروض الإحصائية عبارة عن جملة أو عدد من الجمل تعد باستخدام بعض النماذج الإحصائية ذات العلاقة ببعض خصائص مجتمع البحث، والتي تستخدم من أجل تأكيد العلاقات أو السببية أو الارتباط بين المتغيرات، والتي يسهُل اختبارها إحصائيًّا على شكل فرض صفري أو فرض بديل، وبالتالي قبول أو رفض الفرض الإحصائي، ويمكن تعريف كل منهما كما يلي:
أ- الفرض الصفري:
يسمَّى هذا الفرض بفرض النفي؛ حيث يقدم الباحث فرضه على أنه لا يوجد هناك أي علاقات أو فروق ذات دلالة إحصائية بين متغيرات الفرض، وأن الفرق المتوقع يساوى صفرًا، وإذا حصل أن هناك علاقات ضعيفة أو فروقًا بسيطة، فإن مرجع ذلك إلى الخطأ في تصميم البحث، أو اختيار العينة أو لمجرد الصدفة.
وعند ظهور علاقات أو فروق جوهرية بين متغيرات الدراسة، فإن ذلك يستوجب رفض الفرض الصفري، وقَبول الفرض البديل الذى يمكن أن يستخدم في بعض الأحيان كفرض بداية.
وتتم صياغة الفرض العلمي في الدراسات التجريبية عادة في شكل فرض صفري؛ مثال ذلك: "لا توجد أية اختلافات ذات دلالة إحصائية بين متوسطات تواتر استخدام مصادر المعلومات الرسمية وغير الرسمية من قِبَل الباحثين في كل من العلوم الطبيعية العلوم الاجتماعية والإنسانيات".
ومن عيوب الفرض الصفري أنه نادرًا ما يكون معبرًا عن التوقعات الحقيقية للباحث، أو النتائج الحقيقية للدراسة.
ب- الفرض البديل:
يقصد بالفرض البديل أنه بديل عن الفرض الصفري، ويأتي الفرض البديل على أساس غير صفري بمعنى أن الباحث يرى عكس ما ورد في الفرض الصفري؛ أي: إن هناك علاقات أو فروقًا ذات دلالة إحصائية بين متغيرات البحث، وتستخدم هذه الصياغة كحلٍّ مناسب لوجود علاقات أو فروق حتى ولو كانت بسيطة بين متغيرات الدراسة، والتي يعزوها الباحثون في حالة الفرض الصفري إلى الأخطاء الصدفية أو أخطاء في العينة؛ حيث يرون أن هذه الطريقة أفضل في صياغة الفروض.
وعندما يملك الباحث أسبابًا محددة يتوقع منها وجود فروق ولمصلحة طرف معين، يكون الفرض على النحو التالي: "يكون مستوى القلق عند الطلبة الذين يملكون درجات ذكاء عالية أعلى من مستوى القلق عند الطلبة الذين يملكون درجات ذكاء منخفضة"، ويسمى هذا بالفرض البديل المتَّجه.
وعندما يملك أسبابًا محددة بوجود فروق دون أن يكون قادرًا على توقع اتجاه هذه الفروق لمصلحة أي من الطرفين؛ مثل: "يوجد فرق في مستوى القلق بين الطلبة الذين يملكون درجات عالية، والطلبة الذين يملكون درجات ذكاء منخفضة"، يسمى بالفرض البديل غير المتجه.
خامسًا: اختبار الفروض:
يعتبر اختبار الفروض محور البحث، ولكي يختبر الباحث فرضًا، فإن عليه أن يحدد العينة، ثم يحدد ما هي أدوات القياس المستخدمة، والإجراءات التي سوف يستخدمها؛ حتى يتمكن من جمع البيانات الضرورية، وبعد الانتهاء من جمع البيانات يجب عليه تحليل تلك البيانات التي جمعها على نحو يُتيح له أن يحدد صدق ذلك الفرض، باستخدام معالجات إحصائية معينة؛ ليُبرهن على صحة الفرض، أو عدم صحته؛ (انظر تفصيلاً هذه المعالجات الإحصائية في: اختبار الفروض:الفرض التجريبي والفرض الإحصائي وأنواعه).
سادسًا: تنبيه وتحذير:
يلجأ بعض الباحثين إلى الفروض غير الموجهة - ومنها الفروض الصفرية - كحيلة هروبية يتخلصون بها من الجهد المعرفي اللازم لبناء إطار نظري سليم للبحث، ومما يؤسف أن كثيرًا مما يطلق عليه الإطار النظري لبعض البحوث، ليس إلا مجموعة أفكار متناثرة قد لا يربطها رباط، وهذا في حد ذاته يفقد البحث الصلة بين نظريته وفروضه، وبهذا يفتقد الوحدة الأسا