اتسعت الفجوة بين جيل الآباء والمراهقين نتيجة للتغيرات السريعة في العلم والحياة فكان التطور العلمي والمعرفي نحو المادية والحيرة والشك بين الصواب والخطأ، وعدم السير وفق المعايير والقيم التي يضعها الآباء ويجب التمسك بها.
فالأطفال حينما يصبحون مراهقين تتفتح عيونهم وآذانهم على معايير وقيم جديدة مختلفة عن القيم والمعايير التي يرونها في آبائهم. فالتليفزيون اليوم ووسائل الإعلام وأساليب التربية الحديثة وتباين الثقافات والعولمة، كل ذلك ساعد على اتساع الفجوة بين الجيلين، بالإضافة إلى طريقة سلوك الوالدين في معاملة أبنائهم المراهقين مثل النقد والتوبيخ والإحراج والإهمال أو عدم إظهار الحب والشكر إذا قام المراهق بعمل طيب.
نلاحظ أن الابن في سن المرحلة الابتدائية يكون دائما لصيقًا بوالديه ويتحدث معهم فور عودته من المدرسة ويكون لديه شعور بالسعادة بجوارهم، ثم تأتي مرحلة المراهقة فينعزل تدريجيا عن والديه، ويقل التواصل والحوار بينهم.
أسباب عدم التوافق بين الآباء وأبنائهم المراهقين:
• إن اعتبار المراهق بأنه ما زال صغيرا أسلوب تربوي خاطئ، وهو خطأ يقع فيه الكثيرون بحجة شعورهم أن ابنهم المراهق صغير وبالتالي لن يستطيع تحمل المسئولية وإبداء الرأي. وإضفاء هذا الإحساس بالقصور والاتكال الدائم على الآباء.
• يخشى بعض الآباء إذا تركوا أبناءهم يفكرون لأنفسهم أن يخطئوا ولكنهم ينسون أن المرء يتعلم من خطئه.
• يصبح تأثير الوالدين على أبنائهم ضعيفا وأحيانا منعدما، فالمراهق كما ذكرنا يتأثر بالإنترنت والفضائيات ويتأثر بأصدقائه ومدرسيه وكل الناس من حوله.
• نلاحظ أن كثيرا من الشباب والشابات يتجنبون النقاش مع أمهم وأبيهم لأن النقاش ينتهي عادة بمشاجرة، وكأن الوالدين أصبحا لا يفهمان.
• إن كثيرا من الآباء يريدون أن يكون أبناؤهم المراهقون نسخة منهم.
• التدخل المستمر من قبل الآباء في شئون أبنائهم بصورة تؤدي بهم إلى الشعور بالخيبة والإحباط والنفور من المنزل وسوء التكيف الاجتماعي.
• اختلاف الآراء وأساليب التربية بين الوالدين سبب كبير في عدم التوافق بين المراهق ووالديه.
• قد يوسع الوالد الفجوة بينه وبين أبنائه بالاعتماد الكلي على الأم بتربية الأبناء ومتابعتهم وقضاء حاجياتهم. بعض الآباء حينما يقضي بعض الوقت مع أبنائه فإنه يستغرب طريقة كلامهم وجلستهم وأسلوبهم بالأكل ويلوم الأم على ذلك.
حتى تكوّن علاقات جدية مع أبنائك المراهقين:
هناك بعض المبادئ الأساسية في تأمين الجو الصحي المساعد على امتلاك علاقات جيدة مع الأولاد، في مساعدتهم على النمو السوي:
• أولا أن يشارك كلا الوالدين ويتفقا على الوسائل التربوية التي تستخدم مع الأبناء.
• المحبة المشتركة بين أفراد الأسرة، وأن يشعر الوالدان أبناءهم بأنهم مهمون جدا في حياتهما، وأنهم يحرصان على سعادتهم كل الحرص.
• حاول أن تضع نفسك مكان أبنائك لتتفهم موقفهم وتحترم وجهة نظرهم حتى لو لم تتفق معهم.
• الاحترام المتبادل، وتقدير خصوصيات المراهق واحتياجاته. فاحترام السرية لدى المراهق وخصوصياته من شأنها أن توطد أواصر الصلة وجسور الثقة وهذا يجعلهم يتحدثون إلى آبائهم ويشركونهم في شئونهم ومشكلاتهم ويلتمسون منهم المشورة والإرشاد فيما يصادفهم من عقبات ومشكلات.
• حاول أن تخصص بعض الوقت مع أبنائك حتى لو كان قصيرا، للنزهة والمداعبة واللعب والمرح، فهذه الأنشطة الخفيفة مفيدة في تخفيف التوتر الأسري، وتدفع للتعاون والمشاركة.
• تشجيع المراهق على كل سلوك إيجابي وشكره.
• يحتاج المراهق إلى أن يرى أمامه الأسوة الحسنة من الكبار.
• لا بد أن يترك الآباء أبناءهم يمارسون بعض الحرية ويعتمدون على أنفسهم، فعلى المراهق أن يخوض التجارب فيما يسمح له، وعلى المربي المراقبة من بعيد، فإذا شعر بوجوب تدخله تدخل لمساعدة الابن بشكل لا يزعجه.
يكفي أن يكون موقف الآباء نحو أبنائهم موقفا إرشاديا يتسم بالحكمة والمنطق، ومراعاة المرحلة التي يعيشونها، فهم يعيشون في زمن مختلف عن الزمن الذي عاش فيه آباؤهم.