السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أهمية التعليم باللغة العربية
[rtl]تظل العملية التعليمية في حاجة ماسة إلى اصطناع الازدواجية المتوقعة بين مصادر الثقافة العربية ومصادر الثقافات الأجنبية، مما يجعل على الدارس ضرورة تعلم إحدى اللغات الأجنبية، وإتقانها نطقا وكتابة لتكون سندا له في الإطلاع على الثقافات الأجنبية،ومحاولة اختراق حواجز المكان واقتحام مجالات الفكر،والتوقف عن مناقشة فكر الآخر عن فهم ووعى من قبيل الإثراء لفكر الأمة ولغتها، وهو ما يتأكد ويتأتى من خلاله منطق الانتماء للثقافة الأم من جانب،وما قد يضيف إليها بما يثريها ويزيدها عمقا ونضوجا من جانب أخر.من هنا كانت نقطة البداية الصحيحة التي نادى بها مجمع اللغة العربية،ولم تؤخذ مأخذ التنفيذ حتى الآن عندنا في قضية تعريب مصطلحات العلوم الطبية والهندسية وغيرها من علوم كيميائية وطبيعية،وقد اخذ بها التوجه في بعض الدول العربية،ولعله أثبت نجاحا فيها،ليبقى علينا أن نجرب توظيف هذا النمط في مساق التلاقي والالتحام بمواد الثقافة الأجنبية، لعله يزيد لغتنا العربية ثراء بإمدادها بأرصدة جديدة من تلك المصطلحات المعربة في شتى مجالات المعرفة،ولعله يثبت أيضا ويؤكد قدرتها على التطور وقابليتها لاستيعاب تلك المصادر والتفاعل معا والانطلاق من خلال الوعي بأبعادها وهو ما قد يماثل صورة العطاء التي منحتها العربية لتلك اللغات من قبل.
ومن هنا كانت دوافع ومبررات طرح هذا التصور المبدئي لإمكانية الأخذ بنظام تعريب العلوم،إلى جانب ما صاحبه من الحرص على إجادة اللغات الأجنبية أو التعامل الجاد من خلال موادها العلمية،مما يضمن للدارس العربي المزيد من الانفتاح على ثقافات الدنيا من حوله،قبل أن تحيط بنا العولمة من كل اتجاه،وهى آتية لا محالة وليست أمامنا مجالات لإغلاق فكرنا علينا،ولا إمكانية إيقاف انفتاح الفكر العالمي على ثقافاتنا بقدر ما يجب أن نمتلكه من وسائل لحماية أنفسنا والحفاظ على هويتنا بمزيد من التجاوب مع مقومات ذلك الفكر فهما ودراسة ووعيا، ومع الانفتاح عليه أخذا أو رفضا،قبولا أو نقدا،استحسانا أو استهجانا،إذ يظل المهم أن تسجل لأنفسنا موقفا ورؤية إزاء كل ما نواجه في زحام التكتلات الثقافية المستقبلية التي يحملها إلينا القرن القادم،والتي بدأت بشائر زحفها خلال الأعوام الأخيرة من القرن العشرين.
وينطلق هذا الفهم من ضرورة تأمل قضايا التخطيط والتنفيذ لهذا التصور المطروح بدءا من إعادة النظر في تكوين كوادر تعليمية واعية، تستطيع أن تؤدى دورا فاعلا في مستوى التخطيط للبرامج العلمية وتهيئة الظروف المناسبة ووضع الأطر التنظيمية الجادة التي تسير تكوين الطالب في المرحلة الجامعية لعلها تصحح مساره من خلال التجريب الدقيق للتعامل مع المصطلح العربي في موازاة التقاط المصطلح الغربي،دون أن يكون بديلا له في كل الأحوال،ودون أن يسقطه من حساب مادة علمية بالضرورة كلما أحس احتياجا إليه.أتصور أن يبدأ هذا التأسيس من خلال مستويين:
أولهما: أعداد مادة قرائية تراثية تزيد من تعريف الطالب بدور الموروث العربي في التأسيس والتأصيل للثقافة الغربية التي فتحت علينا أبوابها الآن من كل جانب،وكنا منذ زمن بعيد أصحاب العطاء عبر نشاط حركة الترجمة التي شهدتها عصور ارتقاء الحضارة العربية في موازاة عصور الظلام في أوربا،وفي إطار المقترح من المادة المقروءة تراثيا يمكن أن نتأمل التوصيات الآتية:
1- ترشيح قراءة نصوص مختارة من التراث العلمي العربي بما يمثل كل توجهات العلم وتفتح مجالات الفكر مثل اختيار نصوص طبية لابن سينا / ابن الهثيم، ومثلها نصوص من بقية العلوم فلكية / رياضية / هندسية، مع التعليق على موسوعية المرحلة،وكشف طبيعة توظيف اللغة كأداة للنبوغ في أي منها، حيث استوعبت العربية كل هذه العلوم، ولم تعلن يوما عن إفلاسها على الإطلاق في توفير المصطلح العلمي المناسب لكل علم منها على حدة أو في سياق تداخلاته مع العلوم الأخرى.
2- التوقف عند نصوص نثرية منتقاة كاشفة عن مراحل الإشراق في الكتابة العربية المنثورة[/rtl]