يوتن الأول
"كل جسم يحتفظ بحالته من السكون أو الحركة ما لم تؤثر فيه قوة خارجية".
ونقصد بلفظ "قوة خارجية" في القانون إنها محصلة القوى المؤثرة في الجسم. فالقانون يوضح حالة الجسم سواء لم تؤثر فيه أية قوة على الإطلاق أم كان واقعاً تحت تأثير مجموعة من القوى المتزنة, أي أن محصلتها تساوي صفراً. ففي كلتا الحالتين يبين لنا القانون الأول في الحركة أن الجسم الساكن يبقى ساكناً والجسم المتحرك بسرعة منتظمة في خط مستقيم يظل في حركته المنتظمة ما لم تؤثر في الجسم في الحالتين قوة إضافية. أي أن القانون لا يفرق من حيث المبدأ بين الجسم الساكن والجسم المتحرك حركة خطية منتظمة حيث أن مقدار محصلة القوى المؤثرة في الجسم في الحالتين يساوي صفراً.
وكثيراً ما يرتبط القانون الأول بخاصية مهمة تشترك فيها جميع الأحسام المادية. هذه الخاصية هي "القصور الذاتي". ويقصد بها خاصية الجسم التي تحاول مقاومة التغيير في حالة سكونه أو حالة حركته. فالأجسام الساكنة تحاول المحافظة على سكونها، كما أن الأجسام المتحركة تحاول أن تحافظ على سرعتها التي إكتسبتها. وفي الحالتين يكون ذلك بفعل القصور الذاتي.
القانون الثاني لنيوتن
"العجلة التي تحدثها قوة ما (قوة محصلة) في جسم تتناسب طردياً مع مقدار هذه القوة وتكون في إتجاهها، كما تتناسب عكسياً مع كتلة الجسم القصورية".
من خلال دراسة قانون نيوتن الأول نرى أنه في حالة عدم وجود قوة مؤثرة في جسم ما، أو وجود مجموعة من القوى المتزنة المؤثرة فيه فإن هذا الجسم سيكون في حالة سكون أو حركة منتظمة في خط مستقيم. ونستمر الآن في دراسة حركة الأجسام عندما تؤثر فيها قوة ما، أو بتعبير آخر عندما تكون تحت تأثير مجموعة من القوى غير المتزنة، وهذه القوى بالطبع يكون لها محصلة فيبدو الجسم كما لو كان واقعاً تحت تأثير قوة واحدة فقط – هي المحصلة.
لا شك أن القانون الأول يدل ضمنياً على ما سيحدث للجسم عندما تؤثر فيه قوة أو قوى غير متزنة. إن هذا الجسم لن يتحرك بسرعة منتظمة في خط مستقيم وهو أمر يمكننا التوصل إليه بخبراتنا في الحياة. فمثلاً لتحريك جسم ساكن نحتاج لدفعه، ولإيقافه إذا كان متحركاً فإننا نؤثر قيه بقوة في إتجاه معاكس لحركته. كما أننا إذا أردنا أن نحرف جسماً متحركاً من مساره فإننا نؤثر فيه بقوة جانبية. وهذه العمليات جميعاً، زيادة السرعة أو تقليل السرعة أو تغيير إتجاهها، تتضمن تعييراً في متجه السرعة ع، سواء في المقدار أو الإتجاه ولهذا فإن الجسم في هذه الحالات لا يتحرك بسرعة منتظمة بل يتحرك بعجلة وتكون القوة الخارجية هي التي تسببت في إحداث هذه العجلة. وهذا يقودنا إلى إستنتاج أن هناك علاقة ما بين القوة والعجلة وليس بين القوة والسرعة كما إعتقد أرسطو.
إن علاقة القوة بالعجلة هي الموضوع الذي يتناوله القانون الثاني في الحركة والمعروف بالقانون الثاني لنيوتن، وكثيراً ما يطلق عليه إسم القانون الأساسي في الديناميكا.
ولكن ما هي العلاقة بين القوة المؤثرة في جسم والعجلة التي تحدثها هذه القوة؟
أن التجارب الدقيقة تؤكد أن العجلة (جـ) التي يكتسبها جسم تتناسب طردياً مع القوة (ق) المحدثة لها.
أي أنَّ:
جـ α ق أو ق α جـ(1-1)
وهذا يعني أن: جـ / ق = مقدار ثابت (1-2)
كما أن: ق/ جـ = مقدار ثابت (1-3)
إذا عدنا إلى خاصية القصور الذاتي التي ذكرناها آنفاً نجد أن مقاومة التغيير في الحالة السكونية أو حالة الحركة المنتظمة تعني في الحقيقة مقاومة التعجيل. أي أن الجسم يقاوم عملية إكسابه عجلة سواء كانت عجلة تزايدية أم عجلة تناقصية. ولذا فمن الطبيعي أن نتوقع أن يرتبط المقدار الثابت في العلاقتين (1-2)، (1-3) بهذه الخاصية بطريقة ما.
لذلك دعنا نستبدل مصطلح "الكتلة القصورية" بالمقدار الثابت ولنرمز له بالرمز كص وثم نكتب العلاقة السابقة في صورة تناسب طالما أننا لم نحدد بعد الوحدات المستخدمة في تقدير الكميات المذكورة.
وبذلك نحصل على العلاقات التالية:
ق/ جـ α كص ومنها ق α كص × جـ (1-2 َ)
جـ / ق α 1/ كص ومنها ق α كص × جـ (1-3 َ)
رغم أن جميع العلاقات السابقة صور مختلفة لعلاقة واحدة إلا أننا سنأخذ الصورة الأخيرة حيث نرغب في التركيز على العجلة.
جـ α ق/ كص (1-4)
أن الكتلة هي مقدار ما يحتويه الجسم من مادة، هي ما تسمى عادة بالكتلة التثاقلية أو الكتلة التجاذبية
الوزن: وزن جسم ما هو قوة جذب الأرض له
ق = ك ج
وهذه القوة هي التي نطلق عليها "وزن الجسم" أي أن:
وزن الجسم (و) = ك ج
وبالطبع فإن وزن الجسم كمية متجهة (فهو قوة) وإتجاهه هو إتجاه العجلة ج، ونظراً لأن إتجاه القوة (أو الوزن) هو بإتجاه مركز الأرض فإن إتجاه العجلة ج يكون أيضاً بإتجاه مركز الأرض دائماً.
ولما كانت كتلة الجسم ثابتة وعجلة الجاذبية الأرضية تتغير بتغير خط الطول والإرتفاع عن سطج البحر، فإن هذا يعني أن وزن الجسم يتغير حسب موقع الجسم من سطح الأرض. وكثيراً ما تستخدم ج كمقياس لشدة مجال الجاذبية طالما أن زيادتها تعني زيادة قوة الجذب وإنخفاضها يعني إنخفاض قوة الجذب ويفضل عندئذ أن تستخدم وحدات الـ(نيوتن / كجم) لقياس ج.
ويمكنك أن تتحقق من أن هذه الوحدات تساوي وحدات العجلة أيضاً:
نيوتن / كجم = كجم . م . ث-2 / كجم = م / ث2.
القانون الثالث لنيوتن: قانون الفعل ورد الفعل
"عندما يؤثر جسمان بعضهما في بعض فإن القوة التي يؤثر بها الجسم الأول في الجسم الثاني تساوي في المقدار وتضاد في الإتجاه القوة التي يؤثر بها الجسم الثاني في الجسم الأول"
يعتبر القانون الثالث لنيوتن من أكثر القوانين الفيزيائية شيوعاً بين الناس وغالباً ما يصوغونه في صورة: "لكل فعل رد فعل" غير أن ترديد ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أننا نفهم هذا القانون العام ونستطيع أن نطبقه في جميع الحالات.إذا تأملت الشكل (1-16) وجدت أن الكتلة ك تضغط على السلك الزمبركي بقوة إلى الأسفل، ولو سألنا عن عدم سقوط الكتلة إلى الأرض لتوصلنا إلى أن السلك الزمبركي يمنع ذلك فهو يؤثر أيضاً بقوة في الكتلة في إتجاه معاكس لإتجاه القوة المؤثرة في السلك نفسه – أي إلى الأعلى.
ماذا يحدث لو وضعنا كتلة أكبر على السلك الزمبركي؟ لا شك أن هذه الكتلة ستؤثر بقوة أكبر في السلك، وإستقرار الكتلة في هذه الحالة دليل أيضاً على أن السلك الزمبركي يؤثر في الكتلة بقوة أكبر من التي أثر بها في الكتلة في الحالة الأولى.
نستنتج مما سبق وجود قوتين متلازمتين تؤثران في إتجاهين متضادين. حيث أن القوة التي يؤثر بها السلك الزمبركي في الكتلة تزداد كلما زادت قوة ضغط الكتلة على السلك. ولعل إستقرار الكتلة ك في الشكل (1-16) دليل واضح على وجود هاتين القوتين كما أنه يوضح إتجاههما.
لقد ركزنا في المثال السابق على التأثير المتبادل بين الأجسام وهي في حالة تلامس. ولكن ماذا عن التأثير عن بعد؟ فمثلاُ نحن نعلم أن القوة الكهربائية تحدث بين الشحنات ويحدث هذا التأثير دون الحاجة إلى تلامس الشحنات أو الأجسام المشحونة. وكذلك الحال فإن القوة المغناطيسية والقوة التثاقلية تحدث بين الأجسام عن بعد ودون الحاجة إلى تلامسها أو إتصالها ببعض.
لو كانت هناك شحنتين كهربائيتين إحداهما + شك1 والأخرى – شك2، تعلم أن هناك قوة تجاذب بين هاتين الشحنتين. وهذه القوة متبادلة بينهما فهي تؤثر في الشحنتين في آن واحد. كما أن إتجاه القوة المؤثرة في الشحنة + شك1 بفعل الشحنة – شك2 [ق21] تعاكس القوة المؤثرة في الشحنة – شك2 بفعل الشحنة + شك1 [ق12]. وكلتا هاتين القوتين يمكن حسابهما مباشرة من قانون كولوم حيث:
ق = ( K شك1 شك2) / ف2
وبغض النظر عن قيمة كل من شك1، شك2 نجد أن:
ق21 = ق12= ق
ونلاحظ هنا أن إتجاه القوة ق21 هو عكس إتجاه القوة ق12.
ق21 =- ق12 (1-11)
حيث ق21 هي القوة التي يؤثر بها الجسم الثاني في الجسم الأول، ق12 هي القوة التي يؤثر بها الجسم الأول في الجسم الثاني.
وهذه تمثل صياغة حديثة للقانون الثالث لنيوتن والمعروف بقانون "الفعل ورد الفعل".
القانون الثالث يؤكد حقيقة مهمة تتمتع بها القوى وهي أنها توجد دائماً في هيئة أزواج، وقوتا كل زوج متساويتان في المقدار ومتضادتان في الإتجاه. وهذا يعني أن القوى المنفردة لا وجود لها في الطبيعة، إذ يوجد فعل وتأثير متبادل بين الأجسام. ومتى ما وجدت قوة لا بد من وجود قوة أخرى. فتشكل إحداهما قوة الفعل والأخرى قوة رد الفعل. وإطلاق إسم الفعل أو رد الفعل على أي من القوتين هو أمر إصطلاحي إذا لا إختلاف بين قوة الفعل وقوة رد الفعل.
-----------------
اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك