ا الأدلة العلمية على خلق الكون من العدم
بقلم هارون يحيى
منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر، عمل مئات العلماء ليل نهار للكشف عن أسرار الذرة ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذه الدراسات، التي كشفت عن شكل الذرة، وحركتها، وتكوينها، وخواصها الأخرى، قد حطمت الأسس الرئيسة للفيزياء الكلاسيكية التي افترضت أن المادة كيان ليست له أية بداية أو نهاية، ووضعت أسس الفيزياء الحديثة، وأدت أيضاً إلى ظهور العديد من الأسئلة وفي النهاية، اتفق العديد من الباحثين الفيزيائيين على إجابات لتلك الأسئلة، على أن هناك نظاماً مثالياً، وتوازناً تاماً، وتصميماً واعياً في الذرة، كما هو الحال في كل شيء آخر في الكون وقد ظهرت هذه الحقيقة في القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى قبل أربعة عشر قرناً وكما هو واضح من آيات القرآن، يعمل الكون بأكمله بنظام مثالي لأن الأرض، والسماء، وكل شيء بينهما من خلق الله الذي يملك قوة وحكمة لا حدود لهما ولا يوجد بالتأكيد ما يدعو إلى العجب في أن كل شيء خلقه الله يتسم بتميز رائع ويسير بنظام لا عيب فيه وفي الواقع، فإن ما يدعو إلى الدهشة حقا هو استمرار الإنسان في عدم إحساسه بالمعجزات العديدة التي يقابلها ويراها ويسمعها ويعرفها - بما في ذلك جسمه - ولامبالاته ''بالسبب'' الكامن وراء التركيب المعجز لهذه الموجودات وبمجرد أن يكتشف الإنسان هذا، سوف يتكشف حكمة الله، ومعرفته، وخلقه قال الله تعالى:(اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم)[سورة البقرة: 255].
نشأ الكون من العدم نتيجة لانفجار عظيم. وقد ظهر نظام الكون المتقن الحالي بسبب تناثر جميع الجسيمات والقوى التي تكونت بتوافق ونظام هائلين منذ اللحظة الأولى لهذا الانفجار الكبير
مغامرة تكوين الذرة
يعمل الكون، الذي تتخطى أبعاده الشاسعة حدود الإدراك الإنساني، دون توقف، ويستند إلى توازنات حساسة في إطار نظام عظيم، وقد ظل على هذه الحال منذ اللحظة الأولى لتكوينه ولطالما كان الناس بمختلف أعمارهم، وما زالوا، يهتمون بأسئلة مثل: كيف نشأ هذا الكون الهائل؟ وإلى أين يتجه؟ وكيف تعمل القوانين التي تحافظ على النظام والتوازن بداخله؟
لقد أجرى العلماء بحوثا لا حصر لها حول هذه الموضوعات وتوصلوا إلى براهين ونظريات متباينة وبالنسبة إلى العلماء الذين تدبروا النظام والتصميم الموجودين في الكون باستخدام عقولهم وضمائرهم، فإنهم لم يجدوا صعوبة على الإطلاق في تفسير هذا الكمال ذلك أن الله، القوي، المهيمن على الكون كله، خلق هذا التصميم الكامل وهذا أمر واضح وجلي لكل من كان قادرا على التفكر والتدبر ويعلن الله هذه الحقيقة البينة في آيات القرآن الكريم:(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ)[ آل عمران: ·190].
ومع ذلك، يواجه أولئك العلماء الذين يتجاهلون أدلة الخلق صعوبة كبيرة في الإجابة على هذه الأسئلة التي لا تنتهي وهم لا يترددون في اللجوء إلى الغوغائية، والنظريات الكاذبة التي لا تستند إلى أي أساس علمي، بل وحتى إلى الخداع، إذا وضعوا في موقف حرج، لكي يدافعوا عن نظريات مناقضة تماماً للواقع ومع ذلك فإن جميع التطورات التي حدثت في دنيا العلوم مؤخراً، حتى بداية القرن الحادي والعشرين، تقودنا إلى حقيقة واحدة هي: لقد تم خلق الكون من العدم بمشيئة الله، الذي يمتلك القدرة السامية والحكمة المطلقة.