السمت الحسن
عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة )، حينما يخبرنا المصطفى عليه السلام أن السمت الحسن جزء من النبوة، فعلينا التخلق بهذه الصفة الحميدة، كما هو حال الأنبياء والصالحين.
إذن ما هو السمت الحسن، وما قول العلماء في هذا الخلق الحسن؟
السمت لغة: مصدر سمت يسمت أي قصد وهو مأخوذ من مادة (س م ت)، التي تدل كما يقول ابن فارس على نهج وقصد وطريقة، يقال: سمت إذا أخذ النهج، وكان بعضهم يقول: السمت: السير بالظن والحدس، وهو قول القائل:
ليس بها ربع لسمت السامت
ويقال: إن فلانا لحسن السمت إذا كان مستقيم الطريقة متحريًّا لفعل الخير، ومن ذلك التسمت في الدعاء كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الأكل: ( سموا ودنوا وسمتوا ) أي إذا فرغتم فادعوا بالبركة لمن طعمتم عنده، والسمت أيضًا هيئة أهل الخير يقال: ما أحسن سمته أي هديه، والسمت الطريق.
أما الحسن في اللغة: فهو مصدر حسن الشيء إذا كان مبهجًا مرغوبًا فيه، وقال في الصحاح: الحسن نقيض القبح وجمعه محاسن على غير قياس.
حسن السمت اصطلاحًا: هو حسن المظهر الخارجي للإنسان من طريقة الحديث والصمت، والحركة والسكون والدخول والخروج والسيرة العملية في الناس بحيث يستطيع من يراه أو يسمعه أن ينسبه لأهل الخير والصلاح والديانة والفلاح.
الأحاديث الواردة في حسن السمت:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم ).
وأيضًا قال: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال: ) أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن وأن يمس طيبًا إن وجد. (، وأيضًا قال: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: ( قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان له شعر فليكرمه. ).
المثل التطبيقي من حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حسن السمت:
عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - أنه قال: ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم – مربوعًا....، لقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت أحسن منه).
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في حسن السمت:
قالت عائشة - رضي الله عنها -: ( ما رأيت أحدًا أشبه سمتًا ودَلا وهديًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. )، وأيضًا قال الأعمش - رحمه الله تعالى -: (كانوا يتعلمون من الفقيه كل شيء حتى لباسه ونعليه)، قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى - كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشعه ولسانه وبصره ويده، قال الحسن بن الربيع - رحمه الله تعالى -: (ما شبهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهديه)، وقال ابن الجوزي - رحمه الله -: (قد كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه، لا لاقتباس علمه، وذلك أن ثمرة علمه هديه وسمته)، قال ابن مفلح: كان يحضر مجلس أحمد زُهاءُ خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت.
قال الشاعر:
انطق مصيبًا لا تكن هذرا
عيابةً ناطقًا بالفحش والريب
وكن رزينًا طويل الصمت ذا فكر
فإن نطقت فلا تكثر من الخطب
ولا تُجب سائلا من غير تروية
وبالذي عنه لم تُسأل فلا تُجب
من فوائد حسن السمت:
1. من أخلاق الأنبياء والصالحين.
2. دليل كمال الإيمان ورجاحة العقل.
3. يُكسب المرء احترام الآخرين وحبهم.
4. يُكسب المرء الهيبة والوقار.
5. يُقصدُ بالتعلم والطلب أكثر من النقل من الكتب.
6. يدلُّ في كثير من الأحيان على صفاء القلب ونقاء السريرة.
المصدر:
· موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإشراف صالح بن حميد وعبد الرحمن بن ملوح.
· الآداب الشرعية لابن مفلح.
· حسن السمت في الصمت للسيوطي.
· مقدمة المسند للشيخ أحمد شاكر نقلا عن تاريخ الإسلام للذهبي.