إلا بعد أن تطيح بأعدائها الصغار، بحسب ما ينظر إليها المجتمع عامة.
ولفتت الخبيرة الأسرية إلى أهمية عدم إلقاء المسؤولية على هذه المرأة التي وضعتها الأقدار بإرادتها أو رغماً عنها في طريق هؤلاء الأطفال، فتلك النظرة السوداوية حجبت الرؤية عن بعض النماذج الإيجابية لزوجة الأب.
مشيرة إلى أن الإعلام بصوره المختلفة ساهم في ترسيخ النظرة السلبية تجاه زوجة الأب، سواء عن طريق الأفلام الكرتونية التي رسخت صورة زوجة الأب علي أنها الساحرة الشريرة، أو من خلال قصص الأطفال المقروءة، أو عن طريق برامج «التوك شو» التي تركز الأضواء على جرائم تعذيب وقتل الأطفال بيد زوجة الأب.
موروث ثقافي
وأكدت إبراهيم أنه وعلى الرغم من وجود أعمال إعلامية أشادت بدور زوجة الأب ووضعتها في قالبها الصحيح، فظهرت وهي تعنى بأبناء زوجها وكأنهم فلذة أكبادها نظراً لحسن خلقها أو لعدم إمكانها الإنجاب أو لأي سبب آخر، إلا أنه في المقابل فقد قدم الإعلام الكثير من الأعمال الدرامية التي صورت زوجة الأب وكأنها شيطان يمشي على الأرض.
ونتيجة لكثرة الإلحاح في عرض تلك الصورة السلبية فقد تشبع المجتمع بهذه الفكرة السوداوية عن زوجة الأب، بل وأصبح يضرب بها الأمثال وأصبحت هذه الصورة جزءاً لا يتجزأ من موروثنا الثقافي.
وترى الدكتورة علياء أن على الأب مسؤولية كبيرة في هذا الشأن، وعليه أن يضع في اعتباره أن الزواج من امرأة أخرى لتحل محل الأم أمر ليس هيناً ولا يدخل في إطار وظيفة معروفة مسبقا.
ولا بد أن يساهم شخصياً في إقامة أو توطيد علاقة طيبة بين زوجته الجديدة وأبنائه، لا أن تترك زوجة الأب مع الأبناء في علاقة عشوائية تسودها أحكام مسبقة وصور ذهنية راسخة في أذهان الأطراف المعنية بالأمر.
فيتم نسج القصص حولها على أنها الشيطان المريد، عندها قد تنجح بعض السيدات في الانصياع، وبعضهن قد يرد الإساءة بإساءة فتتوتر العلاقة بين الجميع، ويصبح كل ما تقوم به هذه السيدة من مشكلات هو أمر طبيعي يصدر منها بحكم وظيفتها وسمعتها كزوجة الأب.
الوعي والنوايا
وتوضح الخبيرة الأسرية أن زوجة الأب قد تختلف نواياها تجاه مشروع الزواج، وقد تكون نواياها طيبة تجاه تلك الأسرة ولكنها لا تعي طريقة مثالية للتصرف مع الأبناء.
وفي حال سوء نواياها فإن رغبتها في الاستئثار بالزوج والبيت والمال ستكون بالطبع أكبر بكثير من مشاعرها الطيبة، وهنا حتما ستتولد مشكلات خطيرة، وللأسف فهي موجودة لدى المجتمعات العربية.
وتعود الدكتورة علياء إلى الأمثال الشعبية والحكايات والقصص التي تتداولها الأجيال، والتي تحمل الصورة السلبية لزوجة الأب، فهي ستبقى تشكل جزءاً لا يتجزأ من ثقافة معظم أفراد المجتمع، لافتة إلى ضرورة توعية الفئات الخاصة المقدمة على الزواج مثل زوج الأم وزوجة الأب.
وتأهيلها بمهارات الاتصال مع أبناء الزوج أو الزوجة، وضرورة أن يساهم الإعلام بصورة فعالة لمواجهة سيطرة الثقافة المرئية السلبية على عقول الكثيرين، علاوة على ترسيخ صورة إيجابية للعلاقة التي يجب أن تكون سوية بين الأخوة غير الأشقاء، وتسليط الضوء على نماذج إيجابية لزوجة الأب.
وأكدت الدكتورة علياء إبراهيم أهمية أن تتناول البرامج الدينية هذا الموضوع على نحو ينمي الوازع الديني لدى مختلف الأطراف المعنية حتى لا نجد حالات أشقاء تحايلوا على حرمان زوجة أبيهم أو إخوانهم غير الأشقاء من الميراث، أو تحايل زوجة الأب للوقيعة بين الأب وأبنائه، ومن ثم الدخول في دائرة انقطاع صلة الأرحام وضياع الحقوق والتفكك الأسري.
والأمر في النهاية يحتاج إلى منظومة عمل تشارك فيها المؤسسات المعنية كافة، لاسيما في ظل تأخر سن الزواج الذي يدفع بعض الفتيات إلى الزواج من رجل متزوج، وكذلك ارتفاع نسب الطلاق التي أوجدت فرص الزواج الثاني للرجل أو للمرأة.
غيرة الأبناء ووسائل الاحتواء
وداد لوتاه المستشارة الأسرية في هيئة تنمية المجتمع في دبي، ترى أن أحد أهم مسببات توتر العلاقة بين زوجة الأب والأبناء ناجم عن الغيرة، خاصة في حال كانت الزوجة الجديدة صغيرة وتحظى بالدلال من الزوج.
وإذا كانت الزوجة كبيرة في العمر فستتولد غيرة بشكل آخر، لا سيما من البنات اللواتي بلغن مرحلة الزواج ولم يتزوجن بعد، فيما ستجد أن ردة فعل الأولاد الذكور مختلفة، وتكون إما بالكلام القاسي والجارح أو بالخروج من البيت.
الأهم في هذه الحالة يبقى ضمن مسؤولية الزوجة، التي عليها أن تدخل إلى قلوب الأبناء على أنها أم ثانية وليست بديلة، وأن تظهر مشاعر حب واحترام للأم الأولى، وأن تحافظ على مناقشة الأبناء والإنصات إليهم وعدم الرد بعصبية، وألا تنقل أية معلومة إلى الزوج حتى لا تضع نفسها في خانة الفتنة، والهدية في هذا الموقع مهمة جداً.
حيث تجتهد الزوجة في معرفة ما يوده الابن، وما كان محروماً منه سابقاً والمساهمة في توفيره له