العرب الفصحاء يكرهون كسر ما قبل الواو
ويستثقلون مجيء الواو بعد الكسر
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من حَجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيومَ ولدته أمه " متفق عليه . (البخاري 1521، مسلم 1350) . فهل (كيومَ) مضبوطة بالفتح أم بالكسر ؟
كلمة (يوم) ليست من الأسماء الممنوعة من الصرف، لذلك يتم إعرابها فتحا وضما وكسرا وتنوينا في كل أوضاعها تقريبا. لكن فصحاء العرب ينطقونها في هذه الحالة المخصوصة، وفي هذا الحديث الشريف على وجه التحديد مضبوطة بالفتح، فيقولون (كيومَ ولدته)، فهم يجرون الميم بالفتحة ولا يكسرونها رغم جرها بالكاف، مع أن (يوم) ليست من الأسماء الممنوعة من الصرف.
علة ذلك أن العرب الفصحاء يكرهون كسر ما قبل الواو، ويستثقلون مجيء الواو بعد الكسر.
نرى مثل هذه الظاهرة في جمع المؤنث السالم للاسم الثلاثي صحيح العين ساكنها غير مضعَّفهَا، ومضموم الفاء، أو مكسورها، إذ يجوز في عينه الفتح أو الإتباع لحركة الفاء، أو التسكين، نحو: غُرْفة (غُرَفَات، غُرُفات، غُرْفات)، إلا إذا كان مكسور الفاء لامه واو نحو (رِشْوة) فلا تأتي فيهما لغة الإتباع ولا يقول العرب (رِشِوات) لثقل الكسرة قبل الواو، بل يجمعونها على (رِشَوات) أو (رِشْوات) فقط.
وقد وجدنا العرب الأوائل يتخلصون من الواو بعد الكسرة في المعتل الأقوى فيبدلون مكانها الياء نحو قيام وعياد واحتياز وانقياد وديار ورياح وجياد وسياط وثياب ورياض. لكن تبديل واو الفعل الماضي هنا غير ممكن لأنه مبني حكما.