هنا جلال المدير
عدد المساهمات : 24470 نقاط : 64474 السٌّمعَة : 8 تاريخ التسجيل : 18/12/2012
| موضوع: مخاطر الابتعاث الدراسي...!! قصة الأربعاء أغسطس 09, 2017 7:26 pm | |
| مخاطر الابتعاث الدراسي...!! من أنا..؟؟ أنا مقاول، عرفت المقاولة وأنا في الرابعة والعشرين من عمري، وفي السابعة والعشرين تزوجت.. أنجبت طفلاً.. عشت كل السنوات الماضية أجمع له المال،
حتى وفَّرت له الكثير، فلقد حُرِمتُ - من شدة الفقر - من المال والتعليم... وعلى أيامي كان التعليم مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالمال.. من هنا كان حرصي أن أُقدِّم
لابني ما حُرِمت منه. وعندما بلغ ابني السادسة من عمره، طلب والدي -رحمه الله تعالى- مني أن أُلحِق الولد الوحيد لي بالمدارس
...» الإسلامية « كان يؤكد لي أنَّ التربية الإسلامية
وحدها تصون الإنسان من كل موبقات الحياة... ولكني رفضت!!.. لماذا؟.. اسمحوا لي أن أعترف بصراحة ... أن أفتح قلبي.. كل والد يريد لابنه الهداية... الأفلام التي رأيتها، جعلتني أرفض الفكرة، فالأفلام
السينمائية تصوِّر خريج المدارس الإسلامية، على أنَّه رجل منَفِّر يرفض أي والد أن يُلحق ابنه بكلياته ومعاهده ومدارسه.
) إنَّ مجموعة من الملحدين والشيوعيين والعلمانيين والديمقراطيين 1
والوطنيين) 2( والعنصريين في السينما، هي التي رسمت صورة عالِم
الدين هذه!!! هذه الصورة - يا إخوة – جعلتني أبحث لابني عن المدارس الأجنبية،
أو ما يُطلق عليها: مدارس اللغات، وكان ابني عبقرياً، فعندما حصل
على الثانوية العامة كان يُجيد ثلاث لغات: الإيطالية والفرنسية
بالإضافة إلى الإنجليزية، وطبعاً اللغة العربية. بعد حصوله على الثانوي العامة سألته: أيُّ جامعة يا بُني سوف تختار؟ نعم فهو من القلائل الذين لهم
حق الاختيار لمجموعه الكبير الذي حصل عليه في الثانوية
العامة، مما جعل كل الكليات، وكل الجامعات تفتح أبوابها له... قال: أُريد الالتحاق بجامعة إيطالية. سررت جداً لطموحات ابني، مائة في المائة، وصوَّر لي ظلام عقلي، أنَّه سوف » خواجة « فسوف يُصبح يُصبح أحسن من كل الناس. ووافقت على الفور، فكل ما جمعته من مال له، وكل نجاح أخطوه في ساحة المقاولات أخطوه من أجله... وهو لم يخذلني أبداً.. يواصل المقاول روايته وهو يبكي وودعت ابني في المطار بالدموع، فهذه أول مرة في حياتي أودعه... كان هو الذي
يودعني ... سوف نفترق شهوراً... علمت أنّه التحق بكلية الإدارة في روما.. ومن شدة شوقي سافرت إليه في العاصمة الإيطالية بعد سفره بشهرين فقط. وقضيت مع ابني في إيطاليا أسبوعاً.. وعدت إلى وطني وقد اطمأن قلبي على أوحدي
العبقري. رسائل ابني لم تنقطع، وبين فترة وأخرى تصلني رسالة من صديق لي
هناك يطمئنني فيها عليه... حتى كان يوم جاءت رسالة غاضبة من
هذا الصديق، تقول الرسالة: علمت أنَّ ابنك وقع في غرام
فتاة إيطالية، زميلة له في الجامعة، وأخشى أن تُعيقه عن
مواصلة دروسه...!!( لم أحزن..
بل أخذت الرسالة.. وطرت بها فرحاً إلى أمه.. أصبح » الصغير « أخبرتها بأنَّ رجلاً واستطاع أن يتعرف على الإيطاليات.
وكنت أشعر في قرارة نفسي أنَّ نساء العالم جميعهنَّ، لن يتمكنَّ من
تعطيل ابني العبقري عن مواصلة تفوقه ونجاحه.
انتهى العام الدراسي، وعاد ابني في الإجازة
الصيفية... أسعدني نجاحه وانتقاله إلى السنة الثانية.
ذات يوم... عدت من العمل مُبكراً لأجد ابني يستمع إلى رسالة
بالإيطالية على C.D قلت له: أنا اعرف ماذا تسمع؟ إنَّها رسالة من فتاة إيطالية إليك،
أليس كذلك؟؟؟ كان ابني خجولاً، كل ما فعله أنَّه نظر إلى الأرض.
قلت له: إنني أعرف حكايته معها، ولا مانع عندي أن يتزوجها حتى
وهو طالب، فعندي من المال ما يكفي للإنفاق عليه هو وزوجته، والزواج
في الغربة سوف يمنعه من كل الأخطاء.
وعرضت عليه الفكرة فرحَّب بها، وطلبت منه أن يكتب لها بذلك.
انتهت الإجازة الصيفية... وكان قد أرسل لها بفكرتي...
ووافقتْ عليها... وسافرتُ معه وأنا أحمل معي عدة
ملايين من الليرات الإيطالية
والتقيت بالفتاة وأسرتها - المُفكَّكَة - التي لا عواطف بين أفرادها...
تمَّ الزواج، واستأجرت لهما مسكناً صغيراً قريباً من الجامعة، وقمت
بتأثيثه، وعدت إلى وطني غير مستريح لما فعلت، فلقد كنت أتمنى لابني
فتاة من بلدي، ولكن مادام هذا الأمر قد أسعد ابني... فلا مانع...!!
استمر ابني وزوجته في دراستهما في إيطاليا خمس سنوات... لم ينجبا
خلالها... فلقد اتبعا الوسائل الحديثة في تحديد النسل.. وكم كان يسعدني أن أكون جَدَّاً، ويتركا لي ابنهما معي، ولكني حُرمت
من هذه السعادة... عاد الابن وزوجته للإقامة في وطنه... وكنت سعيداً
بذلك، وطلبت منه أن يفكِّر في المشروع الذي يختاره...؟؟؟ ورأس المال
الذي يريده...؟؟؟ عاد ابني بعد أسابيع بمشروع ضخم، يكلف ثلاثة ملايين من الدولارات.
لم يكن معي كل هذا المبلغ، وأغراني حديث ابني عن أرباح هذا المشروع،
ودورة رأس المال السريعة فيه، وأنَّ مستقبله كواحد من رجال الأعمال
يتوقف عليه...!! قمت ببيع كل ما أملك.. واقترضت من البنوك نصف المبلغ على الأقل بضمان أرض، وبنسبة فائدة )ربا( عالية... وبدأ العمل في المشروع. إحساس غامض انتابني أثناء العمل...!! بأنَّ ابني لم يكن متحمساً لهذا المشروع العملاق...!!! وفي نفس الوقت لم يكن مهتماً الاهتمام الذي أعرفه عنه عندما يُصمِّم على أمرٍ ما.. تعطَّل المشروع كثيراً وأَنفقتُ الكثير من الأموال في غير موقعها، مما أدَّى بي إلى أن أستدين مرة أخرى. وفي هذا الوقت المظلم... وضعت زوجة ابني طفلاً.. كان هذا الطفل هو سعادتي.. حتى كان يوم.. وذهبت إلى منزل ابني.. طرقت بابه.. فتحت لي الخادمة.. سألت عن ابني وزوجته؟ فأشارت إليَّ بأنَّهما في غرفة النوم, الطفل في الخارج يبكي, فحملته على كتفي, سمعت صراخاً في الداخل, إنَّ ابني يصرخ.. أسرعت إلى غرفة النوم.. وفتحت الباب.. وشاهدت مشهداً لم أفهم معناه إ فيما بعد... وتبكي. وهو يمد يده لها ويصرخ.. » الإبرة « زوجة ابني تحمل كان الإثنان يتحدثان الإيطالية.. - ما هذا - لا شيء يا أبي. - هل أنت مريض؟ - قليلاً.. - ماذا بك؟ - إرهاق؟ - ما هذه الحقنة؟ - فيتامينات. - لا ترهق نفسك. - حاضر. طلبتُ منه أن يخرج لنجلس في الصالون لنتحدث في أمر المشروع، وخرج وهو ينظر لزوجته شَذَرَاً.. وعاتبته في البداية على هذه النظرة إلى زوجته، فأخبرني بأنَّها كسرت الفيتامين ولم » زجاجة « يكن في المنزل غيرها، وهو بحاجة ماسة إليها. طلبتُ منه أن يرسل الخادمة إلى الصيدلية القريبة لتشتري غيرها، ولكنه رفض...!!! بدأت أتحدث عن المشروع، وعن تهديدات البنك، ولكن ابني لم يكن مُدرِكاً لما أقول، وفجأة.. قفز من فوق الكرسي الذي كان يجلس عليه.. وبدأ يصرخ.. ويتألم بقسوة.. ويشكو من عظامه.. ويتمنى أن يموت أو أن ينتهي الألم. عشت الرعب كله.. أخذت ابني في أحضاني.. ولأول مرة يدفعني بعيداً عنه... بل وضربني ثم صرخ في وجهي وهو يتألم.. وقال لي: - اخرج... واشتر لي هذا الدواء.. أنت تستطيع أن تأتيني به.. وكتب بيد مرتعشة اسم الدواء. خرجت مذعوراً... مسرعاً... وذهبت إلى الصيدلية القريبة... مددت له يدي بالورقة... - لمن هذا؟ - لابني... - ابنك مدمن يا أستاذ...!!! - مدمن؟! - نعم ... لقد أعطيته من قبل هذا الدواء عدة مرات دون أمر من طبيب. ولكنه كان يُلحُّ في المزيد. - ما اسم الدواء؟ - هو مخدر قوي.. ولا يُصرف إلَّا بأمر الطبيب.. - إنَّه يصرخ.. - آسف ... فهذه جريمة! يا أصدقائي... ادعوا الله ألَّا يُصاب والدٌ بتلك المشاعر التي أصابتني عندما علمت أنَّ ابني وأوحدي مدمن.. كنت أتنفس بصعوبة بالغة... أرى مستقبلي كله وقد تحوَّل إلى أطلال. أرى الدنيا مُظلمة كريهة لا تستحق البذل والعطاء. كنت أجرُّ جسدي جرّاً في الطريق إلى الأمل المفقود، ودخلت البيت... ووجدت حطام شاب... ابني يصرخ من الألم.. بكيت.. - هل أنت حقاً مدمن؟ وإذا بالشاب الوديع... وحش مفترس.. يصرخ من الألم.. ..» يجزُّ على أسنانه « يسأل فقط عن جرعته - هل أنت مدمن!؟ - أنقذوني.. إنني أموت عدت إلى ابني وكلي غضب - يا أصدقائي.. قولوا ما تشاؤون.. قولوا.. إنني رجل ضعيف... قولوا.. إنني تافه.... قولوا... إنني فقدت الإرادة... فأنا أستحق ذلك.. أنا السبب!! .. أنا السبب!! وخرجت ... لقد وجدت نفسي أسير في الشوارع، أبحث في الصيدليات عن هذا المُركَّب.. حتى عثرت عليه بسعر مرتفع جداً من إحدى الصيدليات وأخذه بسعادة ... ...» السم « وعدت إلى ابني.. وقدَّمتُ له بنفسي وأسرع إلى غرفة النوم .. وخلفه زوجته.. وتوقف الصراخ .. وخرجت. كان » المقاول « يروي قصة ابنه هذه لأحد أصدقائه الأطباء، ويطلب منه العلاج... قال الطبيب العلاج يحتاج إلى إرادة فالسوائل المخدرة التي يتناولها قوية، ذهبت والطبيب إلى منزل ابني... كانت آثار المخدر باقية في جسده.. قال الطبيب: - متى تناولت المخدر لأول مرة؟ - في إيطاليا.. في السنة الثانية.. لقد جاء مجموعة من الشباب الإيطاليين، ومعهم هذا المخدر، رفضت في البداية... شجعتني زوجتي، وأخذته لأول مرة في حياتي... وأَخَذَت زوجتي.. ولكنها لم تكن أول مرة في حياتها، كانت نصف مدمنة، أي أنَّها تأخذ هذا المخدر على فترات متباعدة ... وتكرر هذا كل أسبوع على مدى عام كامل. ولكن خلال الأسبوع الأول كنت أشعر بالحاجة إليه... وأبحث عنه فلا أجده، فاستعنت بزوجتي الإيطالية، فتمكَّنت من توفيره لي، وبدأت آخذ جرعتين في الأسبوع، ثم ثلاث وهكذا... - ألم يؤثر ذلك على دراستك؟ - فشلت تماماً.. أنا لم أحصل على البكالوريوس في العلوم الإدارية كما أخبرت والدي!!!.. مسكين هذا الأب.. عندما سمع اعترافات ابنه.. وعندما علم أنَّ ابنه قد فشل في الحصول على الشهادة الجامعية .. سقط مغشياً عليه. وبعد إسعاف الطبيب للوالد، تابع الولد الحكاية مع الإدمان قائلاً: - عدت وزوجتي من إيطاليا، وقد فشلنا في تحقيق حلم والدي لعدم حصولي على مؤهلات الوظيفة.. قال الطبيب: - وهل تعلم مخاطرة؟؟ - مخدر .. ولكنه لا يغتال من يدمنه.. - لقد نصَّبت نفسك طبيباً خبيراً في المواد المخدرة دون علم أو دراية..!!! وسكت الطبيب لحظة، ثم قال: - اسمع يابُني.. جميع أنواع المخدرات قاتلة، تتفاوت فيها - فقط - فترة سماح ضئيلة.. . وبعدها الموت.. قال الأب للطبيب: والحل..؟؟ - إرادة التوقف.... وتابع الطبيب: - أتصوَّر أنَّه لا أمل في شفاء هذا الشاب... إلَّا إذا طلَّق زوجته ورحلت
إلى إيطاليا، لأنَّه في حالة علاج الإثنين، فإنّ أحدهما سيعيد الآخر
إلى الإدمان. رفض الشاب طلاق زوجته، ودخل المستشفى ليُعالَج
من الإدمان، وكذلك زوجته... فشل المشروع الكبير الشهير، وباع البنك مابقي منه في المزاد العلني... خرج الشاب وزوجته من المستشفى لا يملكان سوى تلك الشقة، لأنَّها وبعد حياة قاسية... عادت الزوجة .. ثم الزوج إلى ...» بالإيجار « الإدمان.. وأخذت الزوجة الإيطالية ابنها الصغير ورحلت به إلى وطنها. والآن.. إذا كنت صاحب صيدلية. فلسوف تشهد هذا المشهد المقاول العجوز.. يأتي إليك قبل الفجر.. ويتوسل إليك قبل أن تسمع طلبه.. ويقول لك: - ابني في البيت يحتضر.. قد يموت الليلة.. وقد يموت غداً.. ولكنه بالقطع سوف يموت.. تصوَّر.. ابني سيموت ! .. أنا السبب..
1( في صباه .. لم أسمع نصيحة (» الإسلامية « أبعدته عن الدراسة
..» خواجة « والدي، رحمه الله تعالى... وفكَّرت أن أعمل منه
وفشلت .. جهلٌ مني.. أنا السبب... أنا السبب... وسوف يبلع المقاول ريقه بعد هذا الحديث... ثم سيضع يده في جيبه ويخرج لك ورقة عليها اسم دواء مُخدِّر .. وقبل أن يسلمها لك ... سيقول: ابني يحتضر. وحتى يموت لا أستطيع أن أراه وهو يتألم. أعطني هذا الدواء.. أرجوك.. أتوسل إليك.. ليس هذا مشهداً من خيال، إنَّه مشهد حقيقي يتكرر كل ليلة حتى تحين ساعة رحيل الشاب الذي كان عبقرياً!!. اللهم ارحمه..
اللهم اغفر له..
اللهم اعفُ عنه..
اللهم تُب عليَّ..
فأنا السبب....
أنا السبب.... أنا السبب....
إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون. |
|