أمة العرب أمة فطرية، سادت فيها المروءات، وانتشرت بين قبائلها الفضائل والمكرمات، وعرفت بمحاسن الآداب وروائع الصفات؛ ولذلك كان معنى «الأدب» عندهم ينصرف إلى: الدّعاء، ومنه قيل للصَّنيع ـ الطعام ـ يُدْعى إليه الناس: مدعاة ومأدُبة؛ ثم أصبح معنى «الأدب» الذي يتأدّب به الأديب من الناس؛ وسمّي أدباً؛ لأنه يَأْدِب الناس إلى المحامد، وينهاهم عن المقابح. وبذلك يتّضح من المعنى اللغوي الدلالي لمصطلح كلمة «أدب» عندالعرب أنه ما دار على محامد الخصال وقاد إلى فضائل الأمور ودعا إليها؛ سواء كانت هذه الدعوة صريحة أو ضمنية؛ بأن ينهى عن مساوئ العادات، وينفّر من قبائح الصفات؛ من خلال فنون الأدب المختلفة، وعبر صوره المتعددة؛ وهذا المعنى الخُلقي التهذيبي للأدب عند العرب هو الذي كان شائعاً منذ القِدَم؛ كما ذكره صاحب لسان العرب، وحكاه الأستاذ أحمد الشايب في أوائل كتابه: «أصول النقد».
فلما شعّ نور الإسلام ونزل الوحي على جَنان سيد الأنام ـ عليه الصلاة والسلام ـ تأكد ذلكم المفهوم العربي للأدب والأديب، بما جاء في الإسلام من تتميم لمكارم الأخلاق، وتصحيح لمفاهيم مخالفة لفطرة الإسلام التي فطر الله كلّ مولود عليها؛ فلبس الأدب في ضوء مشكاة الإسـلام حلّـة جديدة زاهية الألوان، واكتسى معنى شريفاً آخر فوق معناه؛ إذ أصبح منطلقاً من سنن الإسلام، جارياً على نواميس الوحيين: الكتاب والسّنة؛ فغدت أخلاق هذا الدين هي أخلاقه وشمائله، وصار حافلاً بها مزداناً بخصالها، وأضحت هذه المعاني وما تولّد منها تجري في نتاج الأديب المسلم مجرى دمه في عروقه؛ بصورة عفوية لا قسر فيها ولا إكراه؛ بل إنك لو رُمْتَ له صرفاً عنها أو عدلاً إلى غيرها لرجعت القهقرى؛ لأنه يعلم أن جريان لسانه بها وبأمثالها إنما هو على سبيل التقرب إلى خالقه ـ جلّ وعلا ـ يرجو بذلك وعده، ويخاف وعيده؛ وهذا هو مقتضى حقيقة دين الإسلام في سائر أقوال المسلم وأفعاله: {قُلْ إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْـمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ٢٦١ - ٣٦١].
وعلى قدر تمثّل هذه الحقيقة في قلب الأديب المسلم يسمو أدبه عن الدنايا ويعلو، وعلى قدر ضعفها وتضعضعها يتسفّل ويتحدّر.
وعلى هذا درج معظم الشعراء في دول الإسلام المتعاقبة، ومن خرج منهم على ذلكم النسق فإنه يواجَه بالنقد والتقويم والتوجيه السليم في غالب الأمر؛ من ذلك ما ورد عن المتنبي في قوله عن نفسه مفتخراً:
أيّ محـــل أرتقـــي
أيّ عظيــم أتقي
وكل ما قد خلق اللـــ
ـــه وما لم يخلق
محتقر في همتي
كشعرة في مفرقي
فجنون العظمة رفع أبا الطيب ـ من حيث شعر أو لم يشعر ـ إلى منزلة احتقر فيها ما سواه من الخلق؛ فهذا شعور يُستنكر من بشر؛ فكيف يقع ذلك من مسلمٍ الأصلُ فيه أن يتقي الله ولا يحتقر خلقه؟ وقد ذهب الواحدي شارح ديوان المتنبي إلى أن الكفر ظاهر باحتقاره لخلق الله وفيهم الأنبياء والمرسلون والملائكة المقربون[1].
وقال الثعالبي في (يتيمة الدهر): للإسلام حقه من الإجلال الذي لا يسوغ الإخلال به قولاً وفعلاً ونظماً ونثراً، ومن استهان بأمره ولم يضع ذكره وذكر ما يتعلق به في موقع استحقاقه فقد باء بغضب من الله تعالى، وتعرض لمقته في وقته، وكثيراً ما قرع المتنبي هذا بمثل قوله:
يترشفن من فمي رشفات
هنّ فيه أحلى من التوحيدِ[2]
وأفحش من قول المتنبي ما جاء في مدح ابن هانئ الأندلسي للخليفة المعزّ لدين الله الفاطمي عندما قال:
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ
فاحكم فأنت الواحد القهارُ
فقد نسب الشاعر إلى ممدوحه بعض صفات الواحد القهار جل وعلا، وخرج على أصل من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده وهي توحيد الله تعالى، وإفراده بصفات الكمال والجلال.
• عبث أدونيس:
وإذا انتقلنا إلى العصر الحديث وجدنا الانحراف في فنون الأدب عن منهج الإسلام ظاهرة تكاد تكون بارزة في أنماط أدبية مؤثرة؛ كالشعر والرواية والمسرحية والقصة وغيرها؛ نجد ذلك بارزاً عند كثير من الأدباء المنتمين إلى الأدب الحداثي المتأثر بالأدب الغربي في أنماط معانيه وأشكال مبانيه، ولعل الشواهد الآتية تدل على ذلك؛ فهذا رائد من رواد الحداثة في العصر الحديث (أدونيس) يقول واصفاً ثورة الحداثة في نظره في مقطوعة نصها:
بلى في بلادي خالقون
وساعاً كآفاقها الواسعة
نقيون كالشمس في عُريها
فتيون كالأنجم الطالعة
بلى في بلادي أنا خالقون.
محوا عتمة اليأس واليائسين بأجفانهم[3]
تلك كلمات من ضمن مقطع تحدث فيه (أدونيس) عن أرض المسلمين بتهكُّم وازدراء، ويُلحَظ فيها العبثية ونسبة الخلق إلى من وصفهم بذلك في سقوط فني واضطراب أيضاً في نسق تلك الكلمات السابقة.
ومن ذلك أيضاً قوله:
أيها الضوء!
خلقت إلهاً ويرفضك الظلام
ألهذا كُنت العين الوحيدة التي خلقت من أجل أن تسكنها الظلمات؟!
ألهذا كنت الخالق يلبس شكل الخليقة؟![4]
• عبث الـمُقالح:
تأمَّل تلكم المعاني الكفرية المتهافتة والغريبة على الشعر الإيماني الذي هو الشعور السائد عند المسلمين، ولكن الشيء من معدنه لا يستغرب؛ فقد أعلن (أدونيس) عن رسالته قائلاً: (أنا المتوثن والهدمُ عبادتي)[5].
ومثل تلك المعاني في انحرافها وسقوط معانيها ونضحها بالكفر الصريح قول (عبد العزيز الـمُقالح) «الشاعر اليماني»:
صار الله رماداً
فنما
رُعباً في كف الجلادين
أرضٌ تترنم بالبترول
حقلاً يُنبت سبحات وعمائم
بين الرب الأغنية الثورة
والرب القادم من هوليود
في أشرطة التسجيل
في رزم الدولارات
رب القهر الطبيعي
ماذا تختار؟
أختار الله.. الأغنية الثورية[6]
تعالى الله عمَّا يقول علواً كبيراً؛ فلا شك أن مثل هذه العبارات ومعانيها القبيحة وما تحمله من دِلالات كفرية منحرفة ـ هي وما في حكمها مما يهدم الدين ويصادم معتقد المسلمين ويُثير الحفائظ ويهيج المشاعر، بل قد ينمّي ظاهرة الغلو والتطرف في مقابل ذلك الغلو المتطرف في الكفر والإلحاد.
• من عبثيات نزار:
ومن نماذج العبثية ومن مظاهر الانحراف من يستغل الجنس ويدغدغ مشاعر النساء من أجل إسقاطهن في أحضان شهوته وتحت أقدامه، ولو كان ذلك على حساب السخرية بالخالق ـ جلَّ في علاه ـ كقول (نزار قباني):
فاليوم أخلق منك إله
وأجعل نهدكِ قطعة من جوهر.
ويقول أيضاً:
كان ثغرك مرة
ربي فأصبح خادمي[7]
ويقول كذلك:
لا تخجلي مني فهذي فرصتي
لأكون رباً أو أكون رسولاً[8]
• عبث يسمونه شعراً:
ومن السخرية الممجوجة والعبث بالمعاني والاستخفاف بالله ـ تعالى ـ قول (معين بسيسو):
باسمك تلك الـمُومس
ترقص بقناع الرب
باسمك يتدحرج
رأس الرب[9]
ويقول أحدهم وهو (محمد الفيتوري) «الشاعر السوداني»:
لا شيء لكِ اكتب بكلمة
فالكلمة في شفة الله
والله على الأرض سجين[10]
ولا يخفى عليك هذا العبث الكفري وهذه الجرأة على حق الله ـ عز وجل ـ والاستهانة بمشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
ومن صور الضياع الفكري والانحراف العقدي قول (علي ناصر) «الشاعر السوري»:
تارة أستحيل رباً عظيماً
وجميع الأكوان طيّ فؤادي
ثم ينتابني فراغ مرير
في ثناياه تمحى أبعادي
كيف أهدأ وكل آنٍ أراني
بين الضدين حائراً باضطرادِ؟[11]
بل يصرح (نزار) نفسه بقلقه وإلحاده عندما قدَّم نفسه إلى حبيبته في بعض أشعاره قائلاً:
فأنا إنسان مفقود
لا أعرف في الأرض مكاني
تاريخي ما لي تاريخ
إني نسيان النسيانِ
ماذا أعطيكِ أجيبي؟
قلقي؟ إلحادي؟ غثياني؟![12].
• عبث شاعرات مغمورات من سورية:
وهذه شاعرة ضائعة تدور في اضطراب وحيرة وتنطق باليأس القاتل وتتردد في أمرها وتجهل مصيرها ولا تعرف الغاية من خلقها؛ فقد قالت:
أنا من؟ أنا لا أعلم،
شيء بصدري مبهم
ماضٍ تولى كالشعا
ع وحاضرٌ يتحطمُ
لكأني أبْني غدي
ويد الزمانِ تهدمُ
هذه الأبيات منسوبة إلى الشاعرة السورية (فاطمة البديوي) ومعانيها ظاهرة في ألفاظها[13].
وبعض الشعراء المعاصرين يُسَرّح طرفه بين النساء ويدعو في أشعاره إلى اقتناص فرص العلاقة الناشئة عاجلاً أو التخطيط لها مستقبلاً من غير تضييع للفرص؛ فكأنما هو حيوانٌ يتجول في غابة عارياً لاهثاً راكضاً وراء شهواته ضارباً بأصول التدين وبمكارم الأخلاق عُرضَ الحائط؛ معلناً في صراحة مبدأه في الحياة، فيقول:
سألتمس الجمال بكل وجه
وأبتدع الهوى فصلاً ففصلا
فحبٌّ في الشتاء يشيعُ دفئا
سأخلعه إذا ما البرد ما ولّى
وحبٌّ بعد حبٍّ بعد حبٍّ
سأعشق لن أكِلَّ ولن أَمَلاّ
سأغتنم الدقائق والثواني
سأسهر لن أضيع الوقت قتلا
فربَّ دقيقةٍ لقحت بحبٍّ
أتتني من ضمير الغيب حبلى
هذه الأبيات للشاعر السوري (وجيه البارودي)[14].
وعلى الرغم من أن بعض الشعراء قد جرَّب تجربة الشاعر السابق؛ فجاس خلال الديار، وانغمس في حمأة الجنس وما في حكم هذه الأقذار وتقلَّب فيها وصوَّب وصعّد، ومع هذا كله فإن ذلك لم يُنْهِ أحزانه، ولم يشفِِ آلامه، ولم يحقق أحلامه، وإنما زاده هماً إلى همّه، وغمّاً إلى غمّه. وممن كان مشهوراً في هذه المقامات معروفاً بتلك التصرفات؛ نسوق نتيجة محصلاته ونهاية مقدماته فلعل غيره من الشعراء يستفيد من تجربته ويعتبر بمركبه؛ ذلكم هو نزار قباني الذي نطق بمحصلة تجربته قائلاً:
الجنس كان مُسكناً جربتهُ
لم ينهِ أحزاني ولا أزماني
والحب أصبح كله متشابهاً
كتشابه الأوراق في الغابات
فماذا ينتظر من مثل هذه المعاني الواردة في تلك الأشعار المتقدمة إذا ما سُمعت وارتفع علمها؟ وأي نتيجة تنتهي إليها؟ إنه لا يختلف عاقلان في أنّ من نتاج ذلك إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا والترغيب في فعلها، والسخرية بكل خُلُقٍ ينهى عنها، والطعن في كل دين يحرمها، وفي ذلك إهانة للمسلمين في أعراضهم، ونيلٌ من محارمهم واجتراء على نسائهم وعبثٌ بأخلاقهم وخطرٌ عظيم محدقٌ على دينهم، وقد قال ـ سبحانه ـ: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور: ٩١]، وقال ـ سبحانه ـ: {إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} [الأحزاب: ٧٥].
إن الأمر يطول لو تناولنا مظاهر الانحراف في بقية فنون الأدب في العصر الحديث وبخاصة ما يتعلق بالروايات التي ذاع صيتها وظهر أمرها وعجّت بالرذائل والأدب المكشوف في كثير من مضامينها إلا ما رحم الله، وإنما العبرة بسلامة المضمون واستقامة المنهج وصحة المعتـقد فـيما يـدور علـى لـسـان أبـطــال تلـك الروايـات أو الشخصيات الثانوية، وحتى لو سيق الانحراف والضلال على ألسنة بعضهم فلا ينبغي أن تختم الرواية من غير تصحيح لما وقع من زلل أو خطأ؛ حتى يتبين لكل قارئ وجه الصواب من الخطأ، وحتى يظهر له المنهج السليم والطريق المستقيم الذي دلت عليه النصوص ورسـمته قواعد الشريعة ليستقيم المجتمع ويسلم كيانه.
إن حديث النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ يكاد يكون قاعدة مفيدة تضبط هذه المسألة الخطيرة وترسم المنهج السليم للمجتمع المسلم؛ فلقد حدَّث النعمان ـ رضي الله عنه ـ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها؛ فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم؛ فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذِ مَنْ فوقنا؛ فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً« أخرجه البخاري في صحيحه.
فقد علّق هذا الحديث سلامة المجتمع بالوقوف أمام المنكرات القولية أو الفعلية والحد من الحريات التي يكون إطلاقها وانطلاقها سبباً في إلحاق الضرر والأذى بالآخرين، ولم يحدد الحديث نوع الأذى سوى الكشف عن عاقبته وبيان نتيجته وهي هلاك الجميع إذا لم يقفوا دونه؛ وبذلك أفاد الحديث العموم في أن كل ضرر أو أذى ـ قولياً كان أو فعلياً ينبغي الحد منه والوقوف أمام مصدره بالتي هي أحسن، فإن لم يكن فبما يدفع الأذى ويمنع الضرر. وبيّن الحديث أن ذلك واجب اجتماعي جماعي؛ وذلك حتى ينجو أفراد المجتمع وتستقيم حياتهم وتحفظ كرامتهم؛ ولذلك فقد قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث رواه ابن ماجه في سننه بأن «لا ضرر ولا ضرار».
وبذلك يُـعلَم أن كـل حُرية تصـدر عـنهـا أذيـة للفـرد أو للمجتـمع فمن مصلحة الجميع مصادرتها والوقوف أمام مصدرها وتصحيح مسارها، ويندرج في ذلك حرية الأدباء على مختلف مشاربهم ومهما تعددت فنون نتاجهم؛ فإن الضابط لهذه الفنون أن تكون موافقة للحق نافعة للخـلق أو على الأقـل لا تصادم الحق ولا تفتن الناس عن دينهم ولا يكون فـيها تهـييج لمشـاعر العنـصريـة أو الجنـسـية أو المذهبية أو الطائفية أو ما في حكم ذلك مما يخالف قواعد الدين أو ينال من وحدة المسلمين، والتعاون على ذلك دفعاً له وتجفيفاً لمصادره ومناوئةً لدعاته من التعاون على البر والتقوى، والتساهل في ذلك أو إذاعته أو نشره أو ترويجه في الفضائيات أو الصحف أو المجلات أو الإذاعات أو شبكة المعلومات من التعاون على الإثم والعدوان، وهذه قاعدة عريضة عظيمة نبّه الله ـ عز وجل ـ إليها وخاطب المسلمين بها قائلاً: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ والْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: ٢]. وينبغي أن يُعلَم أن استمراء الفتن والتساهل بها وعدم وَأْدِها في مهدها يفضي إلى العقوبة الربانية التي إذا وقعت تعمّ ولا تخص؛ فقد قال ـ سبحانه ـ: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: ٥٢]. ثم ينبغي أن يُعلَم ـ أيضاً أن التولي عن دين الله ـ عز وجل ـ وعـدم الغيرة عليه وعلى أصوله وأركانه خطرٌ ماحق رتّب الله ـ عز وجل ـ عليه إنذاراً لكل من تتحقق فيه هذه الصفة قائلاً: {وَإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٨٣].
وأخيراً:
ولطالب الاستزادة في هذا الموضوع وما تعلق به فدونه الكتب الآتية:
١ ـ الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها، دراسة نقدية شرعية، وهو رسالة دكتوراه مقدمة إلى قسم العقيدة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية نال بها مؤلفها الدكتور: سعيد بن ناصر الغامدي درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى وهي في ثلاثة مجلدات، وقد أشرف عليها سماحة مفتي عام المملـكة العربية السـعودية فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وهو أوسع مرجع حديث متخصص في هذا الموضوع.
٢ ـ خطاب الحداثة في الأدب؛ الأصول والمرجـعـية، د. وليد قصاب، ود. جمال شحيّد.
٣ ـ التجديد في الشعر بين الإبداع والتقليد والانحراف، د. عدنان علي رضا النحوي.
٤ ـ الالتزام الإسلامي في الشعر؛ لكاتب هذه السطور.
وغير ذلك من الكتب والمؤلفات.