الوعي الاجتماعي كأحد سبل تغيير المجتمع من خلال الثورة لدى ماركس:
" ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم الاجتماعي، بل وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم"
هذا هو ما يقوله ماركس و ذلك للتعبير عن أهمية الموقع الاجتماعي و الطبقة التي ينتمي إليها الفرد في تشكل وعيه الاجتماعي ، فتبعاً لهذا الموقع و هذه الطبقة يتحدد الوعي الاجتماعي ، و يرى ماركس أن المسيطر على تشكيل الوعي الاجتماعي هم الفئة المسيطرة على القدرات الاقتصادية و التي تساهم في تشكيل وعي الأفراد بصورة تحمي مصالحهم، هذا الوعي المتشكل هو وعي زائف كما يرى ماركس، حيث لا يلحظ البروليتاري أن الوضع ليس في صالحه، و إنما يفكر بطريقة يشارك من خلالها في استمرار سيطرة الطبقة البرجوازية .
و يرى ماركس أن الدين كايدولوجية نتجت عن الوجود الاقتصادي هو "أفيون الشعوب" إذ يعبر عن وعي زائف يعكس العلاقات الاجتماعية المؤسسة على التفاوت الطبقي حيث تكرّس الطبقة المهيمنة اجتماعيا واقتصاديا الوعي الديني بما هو وعي يخدم مصالحها من جهة كونه ينظر إلى الوضعية التعيسة التي عليها الطبقة الكادحة كامتحان لصبر هذه الطبقة على الشقاء الأرضي لتنعم في السماء بجنان فردوس لذلك يعتبر "ماركس" أن هذه الرؤية الدينية لا تكرّس إلا خنوع الطبقة الكادحة وقبولها بأوضاعها المزرية مما يحمي مصالح الطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج، فالدين هو مخدّر، أفيون يمنع هذه الطبقة من الثورة على أوضاعها المزرية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]و الحقيقة أن الأمثال الشعبية تكشف عن هذه الحقيقة و تعبر عنها ببساطة حين تقول : الناس على دين ملوكهم ، فالملوك أو من لديهم السلطة السياسية من واقع أنهم الفئة المسيطرة على الوجود الاجتماعي، هم من يوجهون الشعب إلى دين أو مذهب لا يشترط أن يكون ديناً يحمل الطقوس العبادية و إنما قد يكون هذا الدين هو فكر سياسي أو اقتصادي ، هذا التشكيل قد يؤدي إلى ما أسماه ماركس بالوعي الزائف ، فالحقائق لا تعرض كما هي و إنما نجدها مغيبة عن كثير من الأذهان، و يحسب معها أفراد المجتمع أنهم قد فهموا الواقع بينما هم لا يدركون حقيقة ما هو عليه .
و يشير القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة الاجتماعية ، حيث يقول تعالى في سورة الكهف : قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا {الكهف/103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا {الكهف/104}، فهنا نجد الضلالة و في نفس الوقت هذا الضال يحسب أنه يحسن صنعاً من خلال ما هو عليه من فكر أو توجه أو سلوك، و ما لم يكن هناك من محرك مضاد لهذا الفكر فإنه قد يستمر لأجيال و أجيال، يرى ماركس أن نهاية هذا الوعي الزائف هو بتشكل الوعي الحقيقي المدرك للوقائع المترتبة عن سيطرة طبقة على طبقة و بالتالي نصل إلى الثورة الاقتصادية ــ الاجتماعية و تحل البروليتاريا محل البورجوازية ، بينما نجد الحلول الإلهية أحياناً كثيرة ما تتمثل في إرسال هاد ٍ للبشرية يخرجها من هذه الظلمات و هذا الوعي الزائف المتمثل في عبادة الأصنام و سواها من السلوكيات و بالتالي يظهر وعي جديد للمجتمع ، يهدم ما كان في المجتمع و يتم بناء فكر جديد يحل محله.