بين عذاب الحب و ألمِ اللاّحب...!
- تعلمين صديقتي أنا أحسدك كثيرا...
- أنا ؟؟ ما فيّ يدعو للحسد!
- قلبك فارغ ، قوي ، لا رجلَ شوَّههُ بالدموع ،و لا عذاب الحب جرَحكِ…
- -_- !!
أرادتْ أن ترد عليْها،أن تثور و تصرخ ، أن تفضفض ، أن تهاجم ، أن تدافع ،أن و أن لكنها اكتفتْ بتنهيدة و ابتسامة مستعارة في وجه صديقتها ،ثم غرقتْ في عملها .:
مرتْ ساعات العمل سريعا مليئة بالثرثرة ، خرجتْ بعد أن ودعتْ زميلاتها تخطو تلك الخطوات الثابتة" الروتينية" لمنزلها ، و دون أن تهتم لمَن حولها تبتسمُ لأفكارها و خيالها أحيانا ،
و تُكشِّر ممتعضة أحيانا أخرى!
أخيرا وصلتْ للبيت،مباشرة قصدتْ غرفتها ، أغلقتْ الباب و هي تصيح : " لن أتغدى الآن ، لا تنتظروني سآخذ قيلولة أولا "!
لكنها لم تنم ،فبعد أن غيّرتْ ملابسها استلقتْ على سريرها ، فتحتْ دفترها الذي تهرب إليه كلما عجزتْ عن المواجهة أو الكلام،و تمتمتْ تحدثه :
" أكاد أختنق ،أريد أوكسجيناً...أريد هروباً و لو لبعض الوقت ،أريد أن أكتب فيكَ يا دفتري ما عجزتُ عن قوله لها، خفتُ كثيرا من إجابتي لصديقتي ،
خفتُ أن تغلبني دموعي و تفضحني، لستُ بتلك القوة ،نعم لستُ كذلك ...
صديقتي كثيرا ما نسمعكم تثرثرون ،هو خانني ، هي خدعتني ، لم تُكلمني...غيرة خطيبي تخنقني أفكر في أن أسترجع حريتي قبل فوات الأوان...!
نحن تعساء جدا و أشقياء ، ليتنا مثلكم لا نأبه للحب و عذابه..
بالله عليكم كيف تدَّعون العذاب و بأنكم أشقى المخلوقات في الأرض ؟ كيف تحسدوننا نحن " معَــــذَّبي اللاحب" لأننا احتفظنا بقلوبنا عذراء قوية كما تقولون ؟
ألا تعلمون بأننا دفعنا ثمنا لذلك بأن جعلناها أيضا " قلوبا ميتة فارغة "...؟ فنحن نعيش ترقبا و حذَرا دائميْن بتجنبنا هذا و ذاك ، ما يجعلنا نعاني الاضطرابَ
عند أول احتكاك بالجنس الآخر
في مملكتنا "مملكة اللاّحب" كمْ من معذبة دقَّ قلبها بعنف - لأنه كان فارغا - عند أول اهتمام خاص، فراحتْ تُمنِّي نفسها بأنها وجدت الحب الأسطوري أخيرا ،
فأفردتْ جناحيها لتطير معه و له ، مستسلمة لذلك الإحساس اللذيذ متجاهلة كل الدنيا ، راضية بالوهم الذي قد يصير
حقيقة...لكن الوهم لم يرضَ بها ،بل أوقفها في غمرتها تلك قائلا :
"
"آسف لستُ أهلاً للحب ، لا تقتربي أكثر..احميني من جنونك ،و عيونك و كل ما فيك
أ تتخيلون مظهرها يا "معذَّبي الحب " ؟ هل في مملكتكم أنتم يطلب الحب إذناً ؟؟ هلفيهاإهانة للقلب مثل هذه ؟
يا أنتمْ أ لا تعلمون بأننا نموتُ حسرةًكلما تذكرنا بأننا لا نملك حُضنا دافئا نبكي عليه قلقنا، نلجأ له لحظات خوفنا ،أو نطيرُ له لنقاسمه فرحتنا ،لكننا نَخيبُ عندما لا نجد أحدا في انتظار
أَخْبارِنا المفرحة ؟
هل تحسّون و لو قليلا بألمنا عندما لا نجد معطفاً يَقيناَ رعشة الشوق و الحنين ...
ثم كيف لا تفهمون أنتم بأن قلوبنا الفارغة "القوية" كما تعتقدون عُرضة أكثر لخطر تلك الموجة العاصِفَةِ من المشاعر التي تجتاحنا من كل الجوانب عند مقابلتنا صدفةً لشخص تتحقق فيه كل أحلامنا "السرية" فيستوطن القلب،يُحييه فجأة ، يستبد بكل شعور جميل ، و يمتد عبر الشرايين دون هدف أو أمل ، لكن و بنفس الشدة التي أتى بها يتبخر الحلم بمجرد رؤيتنا لذلك
" الرباط " في يده يخنقنا و يحذرنا من الحلم أكثر ،فلتعلموا أن منظرنا حينها يكون كَمنْ تعرض لطوفان مفاجئ في يوم صحو مشمس لم يكن ينذر بزخات مطر حتى...
أ لا تعلمون أيها " المعذبون " بأننا نغار من شجاراتكم و خياناتكم لبعض، لأنها تجعل القلب يدق و ينفعل أكثر، ولأننا نعلم بأن التسامح بعدها سيكون بطعم العسل
و أننا نحسدكم على غيرتكم الشديدة على بعض ، ففي مملكتنا نحن لا مكان للغيرة ، إذ كيف نغار على شخص لا نملكه ؟ فهذا في قانوننا و عُرفِنا جنون جنون ، أ
مازلتِ تتساءلين يا صديقتي : أنتم المعذبون في الأرض أم نحن...؟؟
_
همسة : لا أقصد بالحب هنا تلك العلاقات العابرة المستهترة ، كأن يفتخر الرجل بأنه يكلم ثلاث بنات في الدقيقة الواحدة ،
أو أن تُشهر الفتاة أنها تعرف أربع رجال في نفس الوقت,,,
إن ما أقصده هنا هو المشاعر النقية الطاهرة التي يتفق فيها القلب و العقل و المبدأ,,,