في مثل هذا اليوم في عام 1941، غزا أكثر من 3 ملايين جندي ألماني روسيا في ثلاث هجمات متوازية، في ما يعتبر الغزو الأكبر في التاريخ.
عملية بارباروسا هو الاسم الرمزي الذي اطلقته القيادة العامة الألمانية على عملية غزوالاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية بدأ الهجوم في بمشاركة 4.5 مليون جندي من قوات المحور على جبهة بطول 2,900 كم.سميت العملية باسم بارباروسا نسبة إلى الإمبراطورفريديريك الأول بربروسا حيث تقول الأسطورة أن بربروسا سيستقظ من سباته وينقذ ألمانيا حينما تحتاجه. شكلت عملية بارباروسا الجزء الأكبر من معارك الجبهة الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية كانت الدعاية الألمانية تدعي بأن الجيش الأحمر يستعد للهجوم على ألمانيا وان غزوهم للأراضي السوفيتيه يأتي كضربه وقائية ومع ذلك فإن كتاب هتلر "كفاحي" الذي كتبه في سنه 1925-26 أظهر بوضوح أطماعه في غزو الاتحاد السوفيتي لأن الألمان يحتاجون" مجالا حيويا" بعبارة أخرى (أرض ومواد خام)، كانت سياسة النازية تهدف بوضوح إلى قتل وترحيل واستعباد الروس وغيرهم من السكان السلافيين الذين يعتبرون أدنى من الألمان وإعادة إسكان الألمان محلهم. وقد سميت هذه السياسة "بالنظام الجديد" التي ذكرت بشكل تفصيلي في "مجلد غورينغ الأخضر" كما أن سياسة النازية هدفت إلى استئصال السكان المتحضرين من الأراضي التي يتم غزوها عن طريق المجاعة مما يؤدي إلى خلق فائض زراعي لتزويد ألمانيا بالغذاء وكذلك إسكان الألمان الذين يعتبرون أعلى شأنا محلهم.
عبرت القوات الألمانية الحدود وسط ذهول السوفيت من شدة الهجمة الصاعقة و خصوصا كيف استطاع هتلر تجميع كل هذه القوات على الحدود من دون أن يشعر السوفييت بالخطر المحدق بهم.كانت خطة الجيش الالماني تعتمد على الزحف الفوري على مدينة لينينغراد وممارسة ضغط متزامن في اتجاه سمولنسك وصولا إلى موسكو واحتلال مناطق ستالينغراد و الفولكا الصناعية وجبال الاورال واوكرانيا قبل حلول الشتاء القارص في روسيا خوفا على حياة الجنود. و لأجل ذلك خصص الجيش النازي للعملية 133 فرقة عسكرية من أصل 205 يتكون منها الجيش الألماني، أي ما تعداده 3200000 جندي، إضافة إلى حشد 20 فرقة احتياطية لاستخدامها عند الحاجة و 3580 عربة قتال و 600000 سيارة عسكرية و 600000 حصان و 7481 قطعة مدفعية وتساند القوات البرية 1160 طائرة قاذفة ومطاردة و 720 مطاردة و 120 طائرة استطلاع،تم وضعها جميعها تحت إمرة المارشال "فون براوختيش"، و تنضاف إليها 14 فرقة رومانية وفرقتين مجريتين واثنتين سلوفاكيتين.
في المقابل لم يكن السوفيت مستعدين لهجوم مماثل على أراضيهم ولم يعلنوا حتى حالة التأهب في صفوف قواتهم وذلك لسببين:أولهما أن موسكو كانت قد عقدت مع برلين اتفاقية عدم اعتداء في 1939، اتفق الطرفان بموجبها على تقسيم بولونيا في ما بينهما وترسيم الحدود الفاصلة بين البلدين.أما السبب الثاني وراء تخاذل السوفييت فكان اقتناعهم بأن ألمانيا لن تقدم على أي عدوان طالما انها تسعى إلى اجتياح انكلترا ملقية بكل ثقلها لتحقيق ذلك.فكان طبيعيا أن تخلف العمليات المفاجئة خسائر فادحة جدا في صفوف السوفييت، و عمت الفوضى صفوف الجيش الأحمر... ففي اليوم الأول للعملية أسقط الألمان 1200 طائرة سوفيتية، فيما كانت المدرعات السريعة للغزاة تتقدم ونجحت في التوغل على مسافة 200 كيلو متر، فسقطت كييف التي تمت السيطرة عليها بالكامل بعد حصار خانق انتهى بأسر 600 ألف جندي سوفييتي.لم تقف الخسائر الفادحة عند هذا، حيث فقد السوفييت أيضا 1500000 كيلو متر مربع من الأراضي وأسر الألمان أكثر من 3200000 جندي...أما على مستوى العتاد فبلغ حجم الخسائر حوالي 19000 ألف عربة قتال و 28000 قطعة مدفعية و 14600 طائرة وقد دمر الروس بأنفسهم كمية غير قليلة من العتاد خوفا من أن يستولي عليها الألمان...فيما وصل عدد القتلى إلى 350000 قتيل حسب المصادر السوفيتية و 1020000 جريح 378000 مفقود.
لكن و بينما كان هتلر يظن أن عملية سحق القوات الروسية وتدميرها قد شارفت على الانتهاء بعد هذه الخسائر الفادحة، بدأ الشتاء الروسي القاسي يلوح بالأفق، و بدأت الثلوج في التساقط وتشكلت مستنقعات من الجليد والوحل اللزج على مساحات شاسعة، في وقت بدأت فيه قوات الاحتياط السوفياتية في الانتشار والاستعداد للقيام بهجوم مضاد شامل من خلال ما عرف بمليشيات المقاومة في المدن الرئيسية والتي أظهرت شراسة غير معهودة في القتال خصوصا في مدينة ستالينغراد التي كلفت الألمان حوالي 260000 جندي من اجل السيطرة عليها.كما التحقت قوات الاحتياط السوفيتي بأرض المعركة قادمة من وراء جبال الاورال، وقامت مصانع السلاح الروسي بإنتاج دبابات t-34 ذات السرعة الفائقة، التي تتميز بوزنها الثقيل 35 طن، و التي أنزلت بالالمان خسائر فادحة بفضل سلاسلها العريضة التي تستطيع السير من خلالها في مستنقعات الوحل اللزجة خصوصا في جبهة موسكو.وفيما الألمان على أبواب موسكو في درجة الحرارة بلغت 35 تحت الصفر، والجليد يتعاظم و الآليات و الأسلحة الألمانية تتجمد وتتوقف عن العمل، وهو ما لم يكن في حسابات الألمان ، وهو ما شكل المنعرج الذي كان الروس ينتظرونه منذ بداية الهجوم.
أعدَّ الروس إذن لهذا اليوم 103 فرقة وثلاثة جيوش وفيلق خيالة و أكثر من 1500 دبابة شنت هجوما عاما ومدمرا على ال 67 فرقة المانية المتواجدة حول موسكو وسط اندهاش الالمان الذين كانوا يظنون أن الجيش الأحمر قد تم سحقه بالكامل، فأمر هتلر قواته المتواجدة في روسيا بأن تدمر وتحرق كل شيء تمر عليه وان تقوم باستخدام سياسة الترهيب والقتل، فارتكبت القوات الالمانية خصوصا قوات النخبة المعروفة بأسم (اس.اس) والقوات المدرعة (البانزرغروب) في المدن التي سيطرت عليها مثل لينينغراد وكييف افظع الجرائم بحق المدنين العزل.
ولكن لم يجد ذلك نفعا ، حيث قطعت الامدادات عن القوات الالمانية بسبب العواصف الثلجية و أصيب الجنود بالتجمد وعدم القدرة على التحرك و بلغت خسائر القوات الألمانية: 202257 قتيل و 725642 جريح 112716 جندي مصاب بتجمدات بالغة و 46511 مفقود و 526226 اسير أي ما مجموعة 1500636 وهو رقم يمثل 31% من مجموع القوات الالمانية المتواجدة في الاتحاد السوفيتي...
قبل 129 عاما ويوم واحد من عملية بارباروسا ، واجه دكتاتور آخر هو نابليون الذي حاول غزو روسيا ووصل إلى موسكو أيضا مصيرا مماثلا .