القصة في المغرب العربي .
اخترت ان اقدم القصة القصيرة الجزائرية لما عرفته من منحى متميز في تطورها عن القصة القصيرة . و للأمانة اشير الى اني اعتمدت من ضمن ما اعتمدت عليه دراسة انجزها الدكتور و الباحث الجزائري عبد الله خلف ركيبي التي تعد اهم مرجع عن تطور القصة الجزائرية في مراحلها الاولى ما قبل الاستقلال. واتمنى ان اقدم دلك بشكل مرض للجميع .
أ - القصة الجزائرية القصيرة
المهتم بمسار تطور القصة القصيرة الجزائرية يصادف مشاكل شتى تعود الى ندرة المراجع من جهة و الى موقف دعاة التجديد في مرحلة النهضة من القصة القصيرة كفن غير أصيل في الثقافة العربية . دلك امن مسار تطور القصة يظل مكتنفا بالغموض بسبب قلة المراجع وتفرقتها لعدم وجود مكتبة وطنية مستقلة في ظرف تاريخي معين كان يمكن ان تجمع ما كان يكتب . اد ان المكتبات الوطنية كانت خاضعة للتوجيه الاستعماري الدي لم يعن بجمع التراث الجزائري العربي ، بل أكثر من دلك عمل على طمسه و القضاء على معالمه . ولا ادل على دلك من حرقه مكتبة الجامعة الجزائرية . لهدا فالمراجع التي يمكن العودة اليها لانجاز اي بحث او دراسة توجد في حوزة الافراد وهي كما يشير الدكتور عبد الله ركيبي مراجع متمثلة في الصحف و الجرائد التي كانت تتعرض دوما للمصادرة و الحجز . كما ان الدي سلم منها فهي موجودة عند افراد هنا وهناك ومن ثم لا بد لأي باحث من ان ينتقل دوما من مكان لأخر لجمع ما تفرق من مصادر .
كما تجدر الاشارة وحسب نفس المصدر " القصة الجزائرية القصيرة " الى مشكل من نوع اخر أعاق تطور ظهور القصة القصيرة و أخر انطلاقتها ، وقد كان هده المرة من لدن من عملوا على احياء التراث القومي ، و الدين ركزوا بشكل اساسي على الشعر وحده باعتباره ديوان العرب ، ةحتى هدا الجانب لم يصل الى انجاز ابحاث او دراسات بقدرما انصب على التنويه و قوله . في حين فالموقف من القصة القصيرة طل متسما بالحدر معتبرينه فنا لم يوجد مستقلا عند العرب .
يقول الباحث " وجدت ان بدايتها الاولى ترجع الى اواخر العقد الثالث من القرن الماضي حين ظهرت في شكل المقال القصصي الدي هو مزيج من المقامة و الرواية و المقالة الادبية . وقد نشأ المقال القصصي و الرواية بتاثير المقال الديني الاصلاحي فتأثر به شكلا ومضمونا .
التطور
يجمع معظم المهتمين على تاخر نشأة القصة الجزائرية القصيرة ، وقد اشرت في التقديم الى العوامل التي عاقت هدا المخاض اضافة الى ما عاتنه الثقافة العربية . اد في الوقت الدي كان فن القصة قد تم وضع اسسه في الكثير من الاقطار العربية و لصبح له رواده كانت الجزائرما تزال تتلمس طريقها الى هويتها ، ولم تعرف الانطلاقة الا بعد الحرب العالمية الاولى حيث ظهرت حركات سياسية وطنية كانت وراء ظهور الشعور الوطني من خلال نداءاتها باحياء التراث و اللغة و الدين "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"الى جانب "كتلة النواب " و جمعية "نجم شمال افريقيا" التي نادت بالاستقلال .
يضيف الباحث د. ع ر. " هده الفترة هي بداية النهضة في الحركة السياسية التي اثرت في الثقافة فبدأت تنهض هي الاخرى ، بعد ان كانت الثقافة العربية قد وصلت الى تدهور مريع "
وقد ادى الوضع الطويل الدي عاشته الجزائر اثناء الاحتلال الى تأخر الادب عامة و القصة بشكل خاص . وافرز دلك ازدواجية في اللغة و الادب ، فظر تياران في القصة هدان التياران هما التيار العربي و التيار الغربي .
1 - التيار العربي وقد كان نتيجة ما تمخضت عنه الجهود بعد الحرب العالمية الثانية و المرتبط اساسا بدعوة الافراد الى احياء التراث القومي بالرجوع الى الينابيع الاولى ، وتوج هدا بظهور جمعية " العلماء المسلمين الجزائريين " سنة 1931 هده الاخيرة التي اتخدت كشعار لها " لا يصلح اخرهده الأمة الا بما صلح اولها "
وقد ارتبطت الحياة الادبية شعرا ونثرا بهده الحركة . وظهرت تنيجة لدلك مدارس ومعاهد وتكونت طبقة من المثقفين بالعربية ساهمت من ضمن ما ساهمت فيه ظهور القصة العربية ، وهي على عكس الشعر لم تجد الطريق ممهدا ، ومن ثم يفسر طهور القصة بأشكال بدائية تطورت فيما بعد .
ويظهر للدارس ان القصة الجزائرية ظهرت في شكلها البدائي بظهور الصحف العربية اواخر العقد الثالث في شكل " المقال القصصي " و "الصورة القصصية " وقد ظهر معا اواخر العقد الثالث في كتاب " الاسلام في حاجة الى دعاية و تبشير "
يضيف الدكتور عبد اله ركيبي ان القصة الفنية لم تظهر بدايتها الا بعد الحرب العالمية الثانية وتطور بعد دلك بسبب عوامل ومؤثرات لاحقة .
2 - بالنسبة للتيار الغربي فقد اتخد اللغة الفرنسية لدلة للتعبير . وقد نشأ هو الاخر متأخرا بالرغم من انه كان يفترض ان تنشأ القصة الجزائرية بالفرنسية مبكرا الا ان دلك لم يحدث لأن التعليم الفرنسي كان في البداية مقتصرا على الفرنسيين . ورغم انه تمت في وقت سابق اصدار قرار بجعل التعليم اجباريا حتى على الجزائريين فالسكان قابلوا المبادرة بحدر و اعتبواها محاولة للفرنسة . وتجدر الاشارة هنا وكما حدث في معظم دول المغرب العربي فتعليم الاهالي للفرنسية لم يهدف الى اكثر من تكوين موظفين اداريين لخدمة الادارة الاستعمارية . وكما هو معمول به في باقي الدول فقد حرم الجزائريون من التعليم العالي و القلة التي استثنيت كانت من الطبقة البورجوازية الموالية للمستعمر . ولعل هدا يفسر لمادا لم يظهر كتاب يكتبون بالفرنسية في فترة مبكرة بالرغم من ان القصة كانت قد قطعت في الغرب شوطا طويلا . كنا ان الدين اتيحت لهم فرصة التعلم تأثروا بالافكار الليبيرالية وهي التي دفعت بهم الى المناداة بالمساواة و البعض الاخر نادى بالاندماج الكلي . كما ان الادب لم يكن له ليستفيد من هده النخبة التي اهكتها الحروب السياسية التي استنفدت طاقاتها . كما ان هده الفئة لم تؤمن بالافكار الوطنية لتدفع بهاالى ان تعب عن واقع الشعب وكما يقول الباحث " فهؤلاء كانوا منفصلين روحيا زعاطفيا عن الشعب لحد ان البعض منهم انكر وجود وطن جزائري "
بالنسبة للأدب المكتوب بالفرنسية فيما بين الحربين فهو اما "صور قصصية" سادجة تصف المناظر الطبيعية او "قصص شعبية"كتبت بالفرنسية .
ولا يمكن اغفال كما يقول الباحث طبقة ثالثة كانت وسطا بين من تثقفوا ثقافة عربية صرفة وبين من ثقفوا ثقافة فرنسية صرفة ، وهي الطبقة التي درست اللغتين معا . وهده الاخيرة هي التي كان يمكن ان تساهم في تطوير الادب الجزائري مغدية الادب العربي بالثقافة الغربية لكنها مل تؤثر في الاثنين معا . بسبب ان المدارس لا تلقن اكثر مما يحتاجه التكوين للقيام بالوظائف . هده لالطبقة يقول عنها الدكتور عبد الله ركيبيب هي التي عبرت عن الوضع الشاد الدي عاشته اللغة العربية في صراعها مع الاستعمار كما عبرت عن التمزق الدي عاشته هده الطبقة التي لم تنل ثقافة عربية اصيلة و لا ثقافة غربية كاملة .
كخلاصة لما سبق لم يساعد مزدوجو اللغة على وجود قصة جزائرية بالفرنسية كما لم يتم هدا على يد الفئة التي تثقفت ثقافة فرنسية ، وانما حدث هدا بعد الحرب العالمية الثانية حين ظهر كتاب وطنيون يؤمنون بالشعب ويعيشون واقعه ، ولم يجدوا وسيلة للتعبير سوى اللغة الفرنسية التي تعلموها و اتقنوها. وبالرغم ان القصة الجزائرية بالفرنسية قد نشأت بعد الحرب الثانية الا انها بدأت في شكل "الصورة القصصية" اوائل الثلاثينات
ثم تطورت بعد دلك . وبقيام الثورة بدأت القصة الفنية بالغتين تشق طريقها نحو النضج .