خزائن الله
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله الله ولي الصالحين ، شهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، حب الخلق العظيم ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
تمهيد :
خزائن الله :
صح في الحديث القدسي أن الله عز وجل يقول:
((أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مُطِرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ، وأمّا من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ، ومؤمن بالكوكب ))
[البخاري 1038 ، مسلم 71]
مما يؤكد أن تقتير الأمطار لا يمكن أن يكون تقتير عجز كشأن البشر ، ولكنه تربية وتأديب ، هذا الخبر الذي أعلمت فيه وكالة الفضاء الأوروبية أن مرصد الفضاء الأوروبي العامل بالأشعة تحت الحمراء رصد غيمة من البخار في الفضاء الخارجي ، يمكن لها أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة في اليوم الواحد بالمياه العذبة.
قول عالم:
وعلق أحد علماء الفلك فقال : ) إن المرصد عثر على غيوم للبخار في أكثر من مكان في الكون(، إلا أن هذه الغيمة التي اكتشفها مؤخراً تعد مصنعاً عظيماً لبخار الماء ، وهذا مصداقُ قول الله تعالى :
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾
[الحجر: 21]
وأما معنى التقتير التربوي أو التأديبي ففي قوله سبحانه :
﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾
[الشورى:27]
وقوله:
﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ﴾
[الجن: 16-17]
وقوله عز وجل :
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾
[المائدة: 66]
إن الجاهلين والشاردين يخوّفون أهل الأرض ، مرّة بنقص الغذاء ، وأخرى بنقص الماء ، وتارة باقتراب نضوب آبار النفط ، فيفتعلون حروباً من أجل المياه تارةً ، وحروباً من أجل القمح تارةً أخرى ، وأحدث هذه الحروب من أجل النفط ، وفاتهم أن تقليل الله عز وجل لمادة ما هو تأديب ، وليس عجزاً منه.
والحمد لله رب العالمين