أثر السيولة على كفاءة التكلفة والأداء
دراسة تطبيقية على المصارف الإسلامية الأردنية
ورقة مقدمة لمؤتمر الخدمات المالية الإسلامية الثاني
إعداد
د. عزالدين مصطفى الكور
ملخص الدراسة
نتيجة للمشاكل التي تعاني منها البنوك الإسلامية في إدارة السيولة وتدني مستويات كفاءة التكلفة فيها، فإن هذه الدراسة تهدف إلى معرفة أثر بنود السيولة على كفاءة التكلفة، وبيان ما إذا كان لإدارة السيولة الأثر السلبي على كفاءة التكلفة ومن ثم على أداء البنوك الإسلامية الأردنية للفترة من 1993 وحتى 2008. وبتنفيذ الانحدار البسيط لمتغيرات الدراسة المتمثلة في متغير السيولة وما في حكمها وأثرها على متغير عدم كفاءة التكلفة المقدرة وعلى متغير العائد على الأصول، توصلت الدراسة إلى نتائج مفادها أن العلاقة بين متغير بند السيولة وما في حكمها وبين متغير عدم كفاءة التكلفة كانت موجبة وهامة إحصائيا وفي حدود 54.4%، وعند مستوى معنوية أقل من 1%. وأن علاقة متغير السيولة وما في حكمها مع أداء البنوك الإسلامية المتمثل في معدل العائد على الأصول جاءت ضعيفة نسبياً وغير هامة إحصائياً وفي حدود 13.8%. ونتيجة لأهمية إدارة السيولة في المدى القصير واعتبارها أداة لتحقيق هدف الربحية في المدى الطويل، وللاستفادة من تجارب البنوك الإسلامية والعربية ومن نتائج الدراسات والأبحاث بالخصوص، توصي الدراسة البنوك العربية بشكل عام والبنوك الليبية بشكل خاص، التي بدأت حديثاً بالعمل بالصيغ و الأدوات المالية الإسلامية أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية الكفاءة على مستوى التكلفة والربح وأهمية إدارة السيولة، لما لها من أثر على قيمة البنك وقدرته على المنافسة والاستمرار والنمو. كما أن الأمر يتطلب من البنك المركزي الليبي -وللوصول إلى إستراتيجية فاعلة في إدارة السيولة- العمل على تبني إستراتيجية تعتمد على أدوات ومنتجات مالية قصيرة الأجل (كالتورق وإصدار الصكوك) قابلة للتداول تسهم في إدارة السيولة بكفاءة، بشكل يعزز من قدرة البنوك التي تتجه للعمل بالصيغ الإسلامية على المنافسة وتقديم خدمات محببة للمستهلكين وتلقى القبول الاجتماعي، بشكل ينعكس ايجابياً على كافة الأطرف.
1- مقدمة الدراسة:
نتيجة لما سببه الانفتاح الاقتصادي واتفاقيات التجارة الحرة والتحرير التدريجي لرأس المال من احتدام لشدة المنافسة ضمن صناعة البنوك، أصبح على البنوك التي تسعى إلى تعظيم قيمتها السوقية أن تعمل على التخلص من عدم الكفاءة على مستوى التكلفة والربح، حتى تتمكن من المنافسة والبقاء على قيد الحياة. وعلية فإن الاستمرار ضمن صناعة البنوك والنمو فيها، لا يكون من قبيل الصدفة، وإنما هو نتاج لاستراتجيات تصمم ويعمل بها، كالزيادة في التكاليف وتقوية رأس المال والميزة التنافسية للمنتجات والدخول المبكر للسوق واختراع وتصميم منتجات جديدة والتسويق لها، وغيرها من الاستراتيجيات التي تسهم في تدعيم ونمو الحصص السوقية للبنوك وتحقق لها معدلات أداء مرتفعة تجعلها قادرة على المنافسة والاستمرار والنمو.
وتعتبر صناعة البنوك بشكل عام وقطاع البنوك الإسلامية بشكل خاص من أكثر القطاعات تنافسية في الوقت الراهن، فحتى الأزمة المالية العالمية جاءت أثارها ايجابية من حيث إنها سلطت الضوء على مفهوم البنوك الإسلامية، والمبادئ والأسس التي تقوم عليها في عمليات التمويل والاستثمار، وهذا على عكس ما حدث مع البنوك التقليدية، وعبر تقديمها لأدوات ومشتقات مالية ذات مخاطر عالية، انعكست سلباً على أدائها وأدى بالعديد منها إلى الإفلاس مما ساهم في تفاقم الأزمة المالية العالمية.
غير أن النتائج التي قدمتها العديد من الدراسات، ومنها دراسة الفيومي والكور (2008) ودراسة الكور (2008)، أشارت إلى بُعد البنوك الإسلامية عن الحد الأمثل للكفاءة على مستوى التكلفة، بالرغم من تمثيلها الجيد للكفاءة على مستوى الربح، الأمر الذي قد يعود إلى التشريعات والقوانين التي تلزمها بالاحتفاظ بسيولة عالية، بسبب عدم توفر أدوات مالية قصيرة الأجل توائم بين السيولة والربحية وتتماشى مع الشريعة الإسلامية.
حيث تعتبر الأهداف المتمثلة في الربحية والسيولة والأمان هي الإطار الذي على ضوئه تتخذ القرارات المالية في البنوك*، إلا أن البنوك الإسلامية قد تعير هدفي الأمان والسيولة أهمية أكبر، وذلك لأن صيغ الاستثمار في البنوك الإسلامية وخاصة المتمثلة في المضاربة والمشاركة تنطوي على قدر من المخاطر اكبر منه في صيغ التمويل للبنوك التقليدية، الأمر الذي يتطلب توخي الحذر واتخاذ القرارات المالية السليمة والتي تضمن حماية أموال المودعين. كما أن أهمية هدف السيولة في البنوك الإسلامية يرجع إلى عدم القدرة على الموائمة بين التدفقات النقدية الداخلة والخارجة نظرا لطبيعة الاستثمارات والتي يصعب فيها الجزم بمواعيد سداد محددة، فأغلب التمويل موجه لمشاريع يصعب على وجه الدقة معرفة موعد التدفقات النقدية الداخلة منها أو موعد انتهاء عمرها الافتراضي، ناهيك عن عدم قدرة البنك الإسلامي عل الاستعانة بالبنك المركزي كمصدر للسيولة أو الاقتراض بين البنوك وهذا لأنها صيغ تعتمد على الفائدة. ولأن البنوك الإسلامية تسعى إلى تعظيم ثروة الملاك والمودعين، وبالتالي فإن إدارة السيولة أفضل سبيل لكسب البنوك الإسلامية لثقة الملاك والمودعين معاً، والذي يعتمد على الطريقة التي تدير بها البنوك الإسلامية لسيولتها الفائضة، وكذلك طريقة الحصول على الأموال وخاصة في المدى القصير. فهدفا السيولة والربحية وفقاً لمبدأ الاستمرارية هدفان يكمل أحدهما الأخر، ولو اعتبرنا أن الربحية تهتم بالأجل الطويل، يمكن اعتبار أن السيولة تهتم بالأجل القصير، أي أن إدارة السيولة بنجاح في الأجل القصير يؤدي بالمنشأة إلى تحقيق الربحية في الأجل الطويل، ومن ثم تعظيم قيمة المنشأة السوقية. وبالتالي فإن مسألة إدارة السيولة تبقى من أهم العوامل المؤثرة في اتخاذ قرار العميل الراغب بالإيداع بهدف الادخار أو الاستثمار.
2- مشكلة الدراسة:
يرى المختصون في الصناعة المالية الإسلامية أن هناك مشاكل في إدارة السيولة تعاني منها البنوك الإسلامية، والذي قد يرجع لطبيعة أعمالها المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وعليه فإن سوق ما بين البنوك التقليدية وأدوات السوق النقدي تعتبر غير شرعية ولا يجوز التعامل فيها. وبالتالي فهي لا تستطيع التعامل بالأدوات المالية التقليدية أو الاقتراض من مصادر التمويل الخارجية المختلفة، إلا بوجود أصول تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وتعتمد المؤسسات المالية الإسلامية على أدوات طويلة الأجل في إدارة السيولة، وفائض السيولة بحاجة إلى قنوات استثمار قصيرة أو متوسطة الأجل، وبالتالي وللوصول إلى إستراتيجية فاعلة في إدارة السيولة تحتاج البنوك الإسلامية إلى تبني إستراتيجية تعتمد على أدوات ومنتجات مالية قصيرة الأجل (كالتورق وإصدار الصكوك) قابلة للتداول تسهم في إدارة السيولة بكفاءة.
وبهذا فإن إدارة السيولة في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية من خلال الأصول يعود إلى افتقار الصناعة المالية الإسلامية إلى سوق مالية إسلامية تعمل وفق سياسات وإجراءات تفي بمتطلبات السيولة، ويتم من خلالها إصدار وتداول أدوات مالية قصيرة الأجل تساعد على نقل الأموال وتسييل الأدوات المالية، بشكل يوائم بين هدفي السيولة والربحية. وبهذا تجدها مضطرة للاحتفاظ بجزء كبير من الأصول السائلة (لتلبية متطلبات الاحتياطي القانوني وعمليات السحب اليومي وتوفير السيولة التشغيلية ومجابهة الأحداث غير المتوقعة في عمليات التمويل والاستثمار)، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع نسبة الأصول النقدية إلى مجموع الأصول عما هو عليه الحال في البنوك التقليدية، مما يزيد من ارتفاع تكلفة الأموال في البنوك الإسلامية. الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع مستويات عدم كفاءة التكلفة وبشكل ينعكس سلباً على أداء البنوك الإسلامية.
وعليه يمكن توضيح مشكلة الدراسة من خلال التساؤلات التالية:
1. هل يوجد تأثير لبنود السيولة المختلفة على مستويات كفاءة التكلفة في البنوك الإسلامية الأردنية؟
2. هل يوجد تأثير لبنود السيولة المختلفة على أداء البنوك الإسلامية الأردنية؟
3. ما السبل الواجب إتباعها لإدارة السيولة بكفاءة بشكل يرفع من مستويات الكفاءة على مستوى التكلفة والأداء في البنوك الإسلامية الأردنية؟
3- فرضيات الدراسة:
للوصول إلى نتائج يمكن من خلالها الإجابة على تساؤلات الدراسة، سيتم اختبار فرضيتي الدراسة الرئيستين والتي صيغت بالصورة العدمية كما يلي:
:لا يوجد أثر ذو دلالة إحصائية لمتغيرات بنود السيولة على كفاءة التكلفة في البنوك الإسلامية الأردنية.
: لا يوجد أثر ذو دلالة إحصائية لمتغيرات بنود السيولة على أداء البنوك الإسلامية الأردنية.
4- هدف الدراسة:
يعتبر تحقيق التمايز والريادة على مستوى التكلفة عبر تخفيض التكاليف من الأهداف التي ينبغي للبنوك بشكل عام والبنوك الإسلامية بشكل خاص أن تسعى إلى تحقيقها، ونتيجة للمشاكل التي تعاني منها البنوك الإسلامية في إدارة السيولة وتدني مستويات كفاءة التكلفة فيها، فإن هذه الدراسة تهدف إلى معرفة أثر بنود السيولة على كفاءة التكلفة، وبيان ما إذا كان لإدارة السيولة الأثر السلبي على كفاءة التكلفة ومن ثم على أداء البنوك الإسلامية الأردنية.
5- أهمية الدراسة:
تنبع أهمية الدراسة من أهمية الموضوع نفسه، والذي يعنى بإدارة السيولة وعلاقتها بكفاءة التكلفة وأداء البنوك الإسلامية الأردنية، وبالتالي يتوقع أن تقدم هذه الدراسة بعض الرؤى والمعلومات الإضافية لكل المهتمين بصناعة البنوك، وخاصة البنك المركزي من خلال العمل على سن القوانين والتشريعات الملائمة لصناعة البنوك الإسلامية، كما أن الاعتماد على منهجية حديثة لتقدير نقاط عدم كفاءة التكلفة باستخدام دالة translog وطريقة الحد التصادفي (العشوائي) المعلمية Stochastic Frontier Approach (SFA)، ومعرفة مدى تأثرها ببنود السيولة، إجراء غير مستخدم (حسب علمنا) في الدراسات الخاصة بالبنوك الإسلامية في الدول المتقدمة والدول النامية بشكل عام، والعربية منها بشكل خاص، والتي تندر فيها الدراسات المتخصصة في هذا المجال، مما يضفي على هذه الدراسة أهمية خاصة.
6- الدراسات السابقة:
اختبرت دراسة Al-Zubi and Balloul (2005) العلاقة بين قوة السوق وكفاءة التكلفة وأداء البنوك التجارية الأردنية للفترة من 1992 وحتى 2002. واستخدم في الدراسة SFA وفقا للدالة Cobb-Douglas لتقدير نقاط كفاءة التكلفة. وتشير نتائج الدراسة إلى عدم قدرة متغير كفاءة التكلفة على تفسير أداء البنوك التجارية الأردنية، حيث كانت غير ذات علاقة إحصائية مع مقاييس الأداء للبنوك.
أما دراسة الكور والفيومي (2007) فقد قامت بتقدير نقاط عدم الكفاءة على مستوى التكلفة والربح (المعياري والبديل) للبنوك التجارية الأردنية، وذلك باستخدام طريقة التوزيع الحر Distribution Free Approach (DFA) وفقا للدالة Cobb-Douglas واختبار علاقتها مع البنوك. حيث جاءت النتائج في صالح المنافسة، والتقطت كفاءة الربح العلاقة مع الأداء بشكل قوي نسبياً، وأعطت نظرة شاملة على أداء البنوك ومستويات الكفاءة فيها.
وهدفت دراسة Idries Al-Jarrah and Philip Molyneux (2007) إلى تقصي مستويات كفاءة البنوك في الأردن ومصر والسعودية والبحرين خلال الفترة من 1992-2000. واستخدم فيها طريقة المنحنى المرن Fourier-flexible (Ff) وتشير نتائج الدراسة إلى أن متوسط مستويات كفاءة التكلفة كان في حدود 95% تقريباً، و متوسط كفاءة الربح المعياري والربح البديل كان بحدود 66% و 57% على التوالي. كما أشارت النتائج إلى أن البنوك الإسلامية الأردنية هي الأقل كفاءة على مستوى التكلفة والربح.
وقام كل من الفيومي والكور (2008) بتحليل ومقارنة مستويات الكفاءة في البنوك التجارية الأردنية، باستخدام طريقة تحليل البيانات المطورة DEA غير المعلمية، وطريقة الحد التصادفي SFA ودالة Cobb-Douglas، وكشفت نتائج الدراسة عن وجود انحرافات شديدة عن الحد الأمثل، وتفاوت كبير في مستويات الكفاءة المقدرة بين البنوك، وبينت أن فجوة الكفاءة على مستوى التكلفة والدخل بينها ازدادت اتساعاً خلال فترة الدراسة.
أما دراسة الكور (2008) فقد هدفت إلى تقدير نقاط عدم الكفاءة في البنوك التجارية التقليدية والإسلامية الأردنية (خمسة عشر بنكاً) وللفترة من 1993 إلى 2006، وذلك باستخدام دالة translog وطريقة الحد التصادفي المعلمية (SFA). وبينت نتائج الدراسة وجود انحرافات شديدة عن الحد الأمثل، وانخفاض في مستويات كفاءة التكلفة وكفاءة الربح المعياري والبديل. كما بينت النتائج تمتع البنوك الإسلامية بمستويات مرتفعة من كفاءة الربح، غير أنها بعيدة عن الحد الأمثل فيما يتعلق بكفاءة التكلفة، الأمر الذي قد يعود إلى التشريعات والقوانين التي تلزمها بالاحتفاظ بسيولة عالية، بسبب عدم توفر أدوات مالية قصيرة الأجل توائم بين السيولة والربحية وتتماشى مع الشريعة الإسلامية.
7- الإطار النظري للدراسة:
7-1- أهمية إدارة السيولة:
تكمن أهمية إدارة السيولة في كونها تخفض من المخاطر التي تحدث جراء حدوث فائض أو عجز في السيولة، وازدادت أهمية إدارة السيولة في السنوات الأخيرة نتيجة للتطور الحاصل في شتى المعاملات المالية والتي تستوجب الإيفاء بالالتزامات المتعلقة بها في مواعيدها، أضف إلى ذلك التذبذب الحاصل في أسعار الفائدة وأسعار الصرف والتغيرات في خصائص الأسواق والتطورات التكنولوجية المستمرة، وغيرها من الأمور التي تستوجب (وعلى الدوام) أن تدار السيولة بكفاءة عالية، حتى يمكن تخفيض مخاطر السيولة إلى أقل ما يمكن.
ونظراً لطبيعة البنوك الإسلامية وافتقارها إلى رعاية البنوك المركزية من حيث إنه لا يعتبر الملاذ الأخير للحصول على السيولة كما هو الحال في البنوك التقليدية، ونظراً لطبيعة الودائع في البنوك الإسلامية، إضافة إلى ضعف آليات التمويل والحصول على السيولة من أسواق مالية إسلامية، ولمجابهة أي نقص محتمل في السيولة، تلجأ البنوك الإسلامية إلى الاحتفاظ بمقدار كبير من الأموال السائلة (بلغ متوسط السيولة في البنك الإسلامي الأردني للفترة من 2000-2008 مانسبته 42% من مجموع الأصول)، لمجابهة متطلبات السيولة المختلفة، من عمليات التشغيل اليومية أو نتيجة لدافع الحيطة من مغبة عدم موائمة التدفقات النقدية الداخلة مع التدفقات النقدية الخارجة، أو نتيجة لدافع المضاربة الذي يتيح استغلال فرص مربحة وغير متوقعة، وبالتالي كل ذلك يستوجب من البنوك الإسلامية الاحتفاظ بمعدلات مرتفعة من السيولة عما هو عليه الحال في البنوك التقليدية.
وفي المقابل، فإن الاحتفاظ بمقادير مرتفعة من السيولة سيزيد من مخاطر عدم استغلال الموارد المالية في البنوك الإسلامية، التي قد ترجع إلى ارتفاع تكلفة الأموال، وانخفاض كفاءة التكاليف، والذي يؤثر وبشكل كبير على وضعها التنافسي، وبشكل ينعكس سلباً على الأرباح، ومن ثم على الأداء وعلى قيمة البنوك الإسلامية السوقية.
وبالتالي ووفقاً لما سبق، فالحاجة ملحة إلى وجود آلية يتم من خلالها الحصول على الأموال بسرعة وسهولة وبشكل يتماشى مع الشريعة الإسلامية، حتى تتمكن البنوك الإسلامية من استثمار فائض السيولة لديها، والذي ينعكس بشكل إيجابي على أدائها وقيمتها السوقية ووضعها التنافسي ضمن صناعة البنوك.
7-2- كفاءة التكلفة (C-EFF) Cost Efficiency:
عمليا تقيس كفاءة التكلفة درجة اقتراب البنك من تكاليف أفضل ممارسة وبمنحنى تكاليف عند حده الأدنى، أو مدى اقتراب البنوك من البنك الأقل تكلفة والأفضل ممارسة ضمن العينة، وذلك لنفس المتغيرات ووفق نفس الظروف. فالبنك الذي يتميز بكفاءة على مستوى التكلفة، هو ذلك البنك الذي يعمل على استخدام أسعار تعمل على خفض التكاليف، أو استخدامه لتقنيات وتكنولوجيا إنتاجية تعمل جعل التكاليف عند حدها الأدنى.
وبشكل نسبي فإن الانحرافات الصغيرة عن حد التكلفة يمكن أن تكون خارجة عن نطاق رقابة إدارة البنك (بسبب تأثيرات عشوائية لبعض الظروف الجيدة أو السيئة)، أدت إلى انحرافات بسيطة، أما الانحرافات الكبيرة عن حد التكلفة الأمثل فالأرجح أنها تشير إلى عدم قدرة الإدارة وضعفها في الرقابة على التكاليف والتحكم فيها، وتشير أيضا إلى انخفاض مستوى التخطيط لمدخلات العملية الإنتاجية، وبهذا تنخفض كفاءة التكاليف بحيث تكون مدخلات البنك أكبر من الحد الأدنى اللازم لإنتاج مخرجات بأقل تكلفة ممكنة، ينتج عنها مستويات من عدم الكفاءة تسهم في زيادة المخاطرة وتخفض معدلات أداء البنك.
7-3- طريقة الحد التصادفي*(SFA):
تعتبر طريقة الحد ألتصادفي SFA نموذج انحدار خطياً مع حد اضطراب (disturbance term) لا يتبع التوزيع الطبيعي وغير متماثل، حيث تفترض SFA نموذج خطأ مركباً Composed) (error model مكوناً من حد خطأ عشوائي يتبع التوزيع الطبيعي المتماثل، ومن حد الانحرافات النظامية التي تعبر عن عدم الكفاءة (inefficiency) وتتبع توزيعا غير متماثل (asymmetric distribution)، ويتوزع الحدان بصورة مستقلة. وبهذا ينبغي تفسير أي اضطراب أو خطأ لا يساوي صفراً، كنتيجة لعدم الكفاءة. ووفق هذا المنطق تكون عدم الكفاءة أحادية الجانب ولا يمكن أن تكون سالبة وبهذا يتم فصل عدم الكفاءة (الانحرافات النظامية) عن الخطأ العشوائي وفقا لما يلي:
حيث:
= حد عدم الكفاءة (توزيع نصف طبيعي).
= حد الخطأ العشوائي يتبع التوزيع الطبيعي بمتوسط صفر وتباين .
= أسعار المدخلات و = مقادير المخرجات.
إن حد خطأ أحادي الجانب يطرح مشكلة تقدير معقدة، فأي خطأ قياس في ln يكون ضمنيا في هذا الحد. ومن الاقتراحات حول توزيع عدم الكفاءة، التوزيع نصف الطبيعي (half normal)، والذي سيتم استخدامه في هذه الدراسة لفصل عدم الكفاءة عن الخطأ العشوائي ضمن الخطأ المركب والمفترض من قبل SFA. وبالرغم من الاستخدام الواسع للمقدرات شبه المعلمية وغير المعلمية، فإن مقدر (ML) Maximum likelihood يبقى هو المقدر المفضل لتقديرات نقاط عدم الكفاءة في الكثير من الحالات، ويعتبر أكثر كفاءة من طريقة المربعات الصغرى (LS) Least Squares (Greene, 2003, P. 503). وفي مثل حالة SFA ونموذج نصف طبيعي تكون The log likelihood -- # وصلة ممنوعة 1778 # -- كما يلي:
حيث:
وفق SFA تقدر لكل بنك في العينة ومقارنتها على أساس كفاءتهم، ولسوء الحظ لا تسمح البيانات بإجراء تقدير مباشر، وحتى مع توفر تقديرات نستطيع فقط إجراء التقدير المباشر . إلى أن تمكن Jondrow et al. (1982) من اشتقاق مقياس معياري لحساب نقاط عدم الكفاءة (Greene, 2003, P. 504)، وبين أنه في حالة التوزيع نصف الطبيعي، فإن متوسط التوزيع المشروط، يكون وفقا للمعادلة التالية:
حيث:
التوزيع الطبيعي المعياري standard normal distribution والنمط الطبيعي المعياري لكثافة الدالة standard normal density -- # وصلة ممنوعة 1778 # -- على التوالي.
7-4- مقياس أداء البنوك:
ينبع مفهوم القدرة الإيرادية لمنشآت المال والأعمال من خلال قدرتها على تحقيق فائض من العلاقة بين التكلفة والإيراد، فأي نشاط اقتصادي تتغلب نفقاته على إيراداته عبر الزمن سيكون معرضاً للإفلاس والتصفية، والقدرة الايرادية تمثل في الواقع مفهوما مؤسسيا لأنها تشمل كل أنشطة المنشأة دون استثناء (جمعة، 2000، ص. 58).
وبهذا فإن القدرة على تحقيق الإيرادات من الأمور التي توليها الإدارة في البنوك أهمية خاصة، لأن الإيرادات ومن ثم الأرباح تنعكس ضمن مقاييس الأداء المختلفة (المحاسبية والاقتصادية والسوقية) ومن ثم تستخدم من قبل المالكين والمستثمرين والمقرضين والمحللين الماليين للحكم على نجاح الإدارة وكفاءتها في استخدام الموارد المتاحة لتحقيق معدلات أداء مرتفعة من أجل الاستمرار والنمو.
وفي هذه الدراسة سيتم استخدام المقياس المحاسبي المتمثل في معدل العائد على الأصول Return on Assets (ROA) حيث يقيس معدل العائد على الأصول مدى فاعلية الإدارة في استخدام الموارد المتاحة، ومدى قدرتها على تحقيق العوائد من الأموال المتاحة من مختلف المصادر التمويلية، بغض النظر عن الطريقة التي تم بها هذا التمويل، وبالتالي فهو يعكس أثر الأنشطة التشغيلية والتمويلية بالمنشأة. إذ يعتبر معدل العائد على الأصول مقياساً كلياً يعبر عن أداء البنوك، لأنه يحمل في طياته قدرة البنك على تحقيق العوائد من كافة مصادر التمويل، المتمثلة في حقوق الملكية والودائع وأية مصادر تمويل أخرى، والتي تمثل في مجموعها مجموع أصول وخصوم البنك. ويتضمن المقياس أثر كافة أنشطة البنك، التشغيلية والتمويلية والاستثمارية، ويبين الأرباح المتولدة عن كل دينار من الأصول. وزيادة النسبة مؤشر على كفاءة الإدارة في رسم سياساتها التشغيلية والاستثمارية والتمويلية. وتم استخدام معدل العائد على الأصول كمقياس لأداء البنوك في الكثير من الدراسات ومنها دراسة كل من (Molyneux and Forbes, 1995; Polius and Samuel, 2000)
8- منهجية الدراسة:
8-1- مجتمع الدراسة:
يتكون مجتمع الدراسة من البنوك الإسلامية الأردنية (البنك الإسلامي الأردني و البنك العربي الإسلامي الدولي)، وللفترة من 1993 إلى 2008، بواقع (27) مشاهدة. و ابتدأت فترة الدراسة من السنة المالية 1993 بسبب أن القوائم المالية للبنوك لم تكن تقدم إفصاحاً عما هو عليه في فترة الدراسة الحالية، فتقديرات الكفاءة وفق ما هو معمول به في هذه الدراسة تتطلب بيانات جزئية و دقيقة وبتفصيلات لم تكن متوفرة قبل عام 1993.
8-2- تعريف وقياس مدخلات ومخرجات البنوك الإسلامية الأردنية:
سيتم في هذه الدراسة تعريف مقادير المدخلات والمخرجات وفقا لطريقة الوساطة لتقدير كفاءة التكلفة في البنوك الإسلامية الأردنية. والتي تنظر للبنك كوسيط مالي بين المدخرين والمستثمرين، وبالتالي تؤكد على التعامل مع الودائع كمدخلات كونها تشكل المادة الأساسية التي تتحول إلى استثمارات مالية. وبشكل عام تعمل طريقة الوساطة عند تمثيل البنوك على أن تكون الأصول المالية كمخرجات (حيث تسمى أيضا بطريقة الأصول) والخصوم المالية كمدخلات.
وفيما يتعلق بأسعار المدخلات لدالة كفاءة التكلفة تكون سعر المدخل الأول (تكلفة الأموال) من تكلفة مصادر الأموال (حصة المودعين من الإيرادات ÷ ((حسابات الاستثمار المخصص + سندات المقارضة حتى نهاية عام 1999والتي أصبحت بعدها بنود خارج الميزانية) + (الحسابات المطلقة للعملاء من عام 2000 وحتى نهاية عام 2004) + ودائع العملاء + ودائع البنوك))، وتكون سعر المدخل الثاني من تكلفة رأس المال المادي ((التكاليف التشغيلية – نفقات الموظفين) ÷ الأصول الثابتة)، أما سعر المدخل الثالث فتكون من تكلفة العمل (نفقات الموظفين ÷ عدد الموظفين).
أما المخرجات لدالة التكلفة فتكونت من مقادير ثلاثة مخرجات، حيث يتكون المخرج الأول من الاستثمارات بالصيغ الإسلامية (المضاربة والمشاركة والمرابحة وكمبيالات التمويل و مشاريع الاستثمار المخصص إلى غاية عام 1999، ومنذ عام 2000 تكونت من ذمم بيوع مؤجلة وتمويلات مضاربة ومشاركة)، و المخرج الثاني تكون من حسابات الاستثمار المطلقة لدى البنوك الإسلامية، و المخرج الثالث تكون من بنود داخل وخارج الميزانية OOBS ((البنود داخل الميزانية من غير بنود المخرج الأول والثاني، والتي تتمثل في استثمارات أخرى + استثمارات في أوراق مالية) + البنود خارج الميزانية (والتي تعبر عنها الحسابات النظامية حتى نهاية عام 1999، ومنذ عام 2000 صارت تتكون من حسابات الاستثمار المخصص و سندات المقارضة وارتباطات والتزامات محتملة)).
8-3- النموذج الدالي المستخدم لتقدير حد عدم الكفاءة في البنوك:
سوف يتم في هذه الدراسة استخدام دالة Translog مع ثلاثة مدخلات وثلاثة مخرجات بنكية ووفقا لما تعكسه المعادلة التالية:
حيث:
تمثل التكاليف الكلية (مالية+تشغيلية) في دالة التكلفة.
أسعار المدخلات ومقادير المخرجات على التوالي.
معامل الإزعاج المركب من عدم الكفاءة والخطأ العشوائي.
8-4- النماذج القياسية المستخدمة لاختبار فرضيات الدراسة:
تعتمد النماذج القياسية المستخدمة في الدراسة على (Panel data)، وفقا للخاصية (Unbalanced Panels)، وذلك لغرض اختبار أثر السيولة وما في حكمها على مستويات عدم كفاءة التكلفة والأداء في البنوك الإسلامية الأردنية، من خلال اختبار فرضيات الدراسة باستخدام النموذج الكلاسيكي والذي يتناسب مع طريقة المربعات الصغرى (OLS) Ordinary Least Squares، والتي تعطي تقديرات متسقة وتتسم بالكفاءة للحد الثابت المشترك ومعاملات الميل، حيث تمت صياغة نماذج الدراسة القياسية (حسب ترتيب الفرضيات الرئيسية في الدراسة) على النحو التالي:
حيث:
: عدم كفاءة التكلفة للبنك I في السنة t.
السيولة وما في حكمها للبنك i في السنة t.
العائد على الأصول للبنك i في السنة t.
المقطع الثابت لنموذجي الدراسة.
معاملات الميل لنموذجي الدراسة.
الخطأ العشوائي.
9- التمهيد لاختبار فرضيات الدراسة:
بداية وقبل الشروع في اختبار فرضيات الدراسة، يفترض التحقق من شرط التوزيع الطبيعي لبيانات متغيرات الدراسة، وذلك لضمان توفر شرط المقدر OLS ووجود العلاقة الخطية بين متغيرات الدراسة، وحتى نستطيع الوثوق بنتيجة الانحدار للنماذج القياسية، وقدرتها التفسيرية للعلاقات التي تجمع بين متغيراتها.
9-1- مدى توفر خاصية التوزيع الطبيعي في بيانات الدراسة:
بناء على نتائج اختبار خاصية التوزيع الطبيعي للبيانات الخاصة بمتغيرات الدراسة، والتي أشارت فيه نتائج اختبار (K-S) Kolomogorov Smirnov إلى أن جميع المتغيرات المستخدمة في نماذج الدراسة القياسية تتبع بياناتها التوزيع الطبيعي، كما هو موضح بالجدول التالي رقم (1).