العنف التربوي
ماذا يقصد بالعنف التربوي؟
يتمثل العنف التربوي بسلسلةمنالعقوبات الجسديةوالمعنوية المستخدمة في تربية الأطفال والتي تؤدي بهم الى حالةمنالخوف الشديد والقلقالدائم،والى نوعمنالعطالة النفسية التي تنعكس سلباً على مستوى تكيفهم الذاتي والاجتماعي ويتم العنفالتربوي باستخدام الكلمات الجارحة التبخيسية واللجوء الى سلسلةمنمواقف التهكم والسخريةوالاحكام السلبية الى حد انزال العقوبات الجسدية المبرحة بالطفل والتيمنشأنها ان تكون مصدر تعذيبواستلاب كامل لسعادة الأطفال في حياتهم المستقبلية.
* تربية التسلط
لايمكن ان أتصور وجود الأسرة التي تسعى الى تدمير الحياة النفسية لاطفالهاأو الى تعذيبهم معنوياً، فكيف نستطيع تفسير ظاهرة العنف، وتربية التسلط السائدة فيبعض الأوساط الاجتماعية؟
إن العنف التربوي لايعد غاية بحد ذاته، بل هو وسيلةنعتمدهامنأجل توجيهالأطفال وتربيتهم وفقاً لنموذج اجتماعي وأخلاقي حددناه منذ البداية.
إن اللجوءالى العنف التربوي والى التسلط في العملية التربوية يعود الى اسباب اجتماعية ونفسيةوثقافية متنوعة تدفعنا الى ممارسة ذلك الاسلوب.
1_الجهل التربوي بتأثيراسلوب العنف،يحتل مكان الصدارة بين الاسباب، ولو أدرك الآباء والأمهاتما لأسلوب التسلطمنآثارسلبية على شخصية الطفل ومستقبله فإنهم مما لاشك فيه، تجنبوا ما أمكنهم استخدام ذلكالأسلوب، فالوعي التربوي والنفسي بأبعاد هذه المسألة امر حيوي واساسي في خنق ذلكالاسلوب واستئصاله.
2_ا أسلوب التسلط يعد انعكاساً لشخصية الاب والأم بمافي ذلك جملة الخلفيات التربوية والاجتماعية التي اثرت عليهم في طفولتهم. أيانعكاس لتربية التسلط التي عاشوها بأنفسهم عندما كانوا صغاراً.
3_ ان مايعزز استخدام الاكراه والعنف في التربية، الاعتقاد بأنه الاسلوب الأسهل في ضبطالنظام والمحافظة على الهدوء، ولايكلف الكثيرمنالعناء والجهد.
4_ بعض الأسر تدرك التأثير السلبي للعقوبة الجسدية وتمتنع عن استخدامها، لكن ذلكلايمنعهامناستخدامالعقاب المعنويمنخلالاللجوء الى قاموسمنالمفردات النابية ضمن إطارالتهكم والسخرية والاستهجان اللاذع، والعقوبة المعنويةاثرها في النفس اقوىمنالعقوبة الجسدية بكثير.
5_ان الظروف الاجتماعية الصعبة التي تحيطبالوالدين في اطار العمل واطار الحياةالاجتماعية قد تؤدي الى تكوين شحنات انفعاليةيتم تفجيرها وتفريغها في إطار الأسرة، وكل ذلك ينعكس سلباً على حياة الأطفال وعلىنموهم الاجتماعي والنفسي. وباختصار يمكن أن نقول: إن العوامل والأسباب التي تدفعالى استخدام العنف والاكراه، متعددة بنوع الحالات وتنوع الأسر والبيئاتالاجتماعية.
* ما هي الآثار الناجمة عن العنف في تربية الاطفال؟
إن الهدفمنالتربيةعملياً هو تحقيق النمو والتكامل والازدهار في شخصية الانسان ومما لاشك فيه ان الطفليتشكل وجدانياً وعقلياً وجسدياً في إطار الاسرة بالدرجة الاولى،وإن علماءالنفس والتربية يجمعون على التأثير الحاسم للتربية في السنوات الأولىمنعمر الطفل ويذهب بعضهمللقول بأن سمات وخصائص الشخصية تتحدد في السنوات الخمس الأولىمنعمر الطفل. والعلاقة بينالطفل والاسرة تتممنخلالالإحساس الجسدي أولاً، ثم تصبح الكلمة هي المحور الاساسي للعلاقة وبالتالي تتطورهذه العلاقة الى مستوى الايحاء والموقف وغير ذلك
. والطفل ينظر الى نفسهوفقاً لنظرة الآخرين إليه. ويقوم نفسه كما يقومه الآخرون وفيكلالأحوال فإن العقوبةالجسدية والمعنوية تمثل عوامل هدم وتشويه للشخصية عن الأطفال،
كأن تؤدي الىفقدان الثقة بالذات وانعدام المسؤولية، وتعمل على تعطيل طاقات العقل والتفكيروالابداع لديهم.
* ظروف العنف مدرسياً :
لقد تطرقنا الى مناقشةظروف العنف في التربية الأسرية، فهل يمكن ان نتحدث عن ذلك في إطارالمدرسة؟ يقول
الباحث الدكتور علي وطفة: إن الأنظمة التربوية في انحاء العالم كلها تتبنىنظرياً المبادى التربوية الحديثة وتسعى
الى تطبيقها في اطارالمدرسة، وبالطبع فإنالقوانين الناظمة للعمل التربوي فيالمدرسةتمنع استخدام الضربوالعنف في المدارس، ومع ذلك فإن المسألة تبقى نسبية، فاللجوء الى اسلوب العنف فيالمدرسةظاهرة دولية، وتشتدهذه الظاهرة في البلدان النامية بينما تكاد تختفي في البلدانالمتقدمة.
طبعاً يوجد العديدمنالمنظمات الدوليةوالاقليمية التي تسعى الى محاربة هذه الظاهرة وعلى الرغممنذلك فإن بعض المعلمينوبتأثيرمنخلفياتهمالثقافية والتربوية يلجأون الى اسلوب العنف في تعاملهم مع التلاميذ وذلك للاسبابالتالية:
1_بعض المعلمين ينتمون الى اوساط اجتماعية تعتمد التسلط والاكراهفي التربية وهم فيالمدرسةيعكسون حالتهم هذه.
2بعض المربين لم تسنح لهم فرصة الحصول على تأهيل تربويمناسب. أي انهم لم يتابعوا تحصيلهم في معاهد دور المعلمين او كليات التربية، فهمبذلك لايملكون وعياً تربوياً بطرق التعامل مع الأطفال وفقاً للنظريات التربويةالحديثة.
3المعلم بشكل عام يعيش ظروفاً اجتماعية تتميز بالصعوبة الحياتية،إضافة الى الهموم والمشكلات اليومية التي تجعله غير قادر على التحكم بالعمليةالتربوية، اذ يتعرض للاستثارة السريعة والانفجارات العصبية امام التلاميذ.
4 إن الأبحاث التربوية المعنية بدراسة العلاقة التربوية بالمدرسة تؤكد بأن المعلمالمتسلط هو المعلم الذي يتحقق لديه مستوى الكفاءة العلمية والتربوية معاً. لكن هذهالنظرة في الوقت الحاضر اصبحت خاطئة فإن المعلم الديمقراطي هو المعلم المتمكنوالمؤهل وهو وحده الذي يستطيع ان يعتمد على الحوار الموضوعي في توجيه طلابهوتعليمهم ، دون اللجوء الى العنف.
5 المعلم الذي يستخدم الاستهجانوالتبخيس والكلمات النابية، فإنه يكرس العنف ويشوه البيئة النفسية للطالب، والمدرسةعندما تتبع هذه الاساليبمنعنف وإكراه واحباط ازاءالتلاميذ تكون بمنزلة مؤسسة لتدمير الاجيال واخفاقهم فيكلالمجالات
* البديل
ولكن في حال خروج الاطفال على الانظمة المدرسية، وفي حال تقصيرهمالدراسي، ماهو الاسلوب البديل الممكن استخدامه في توجيههم؟
إذا الانسان يتميزبالقدرة غير المحدودة في تكيفه مع البيئة وفي تكييف البيئة لحاجاته.
وإنخروج الطفل عن الأنظمة المدرسية له اسباب يجب ان نبحث عنها في إطار الوسط الذي يعيشفيه التلميذوالأسرةالتيينتمي اليها.
وتوجد اساليب متعددة ومتنوعة جداً يمكن استخدامها في معالجةهذه الظاهرة
القليلمنالاحترام والتفهم يجعلناقادرين على احتواء مظاهر العنف، وفيكلالأحوال فإن العنفوالاكراه عملية تخدير مؤقت وليس حلاً جذرياً، لان الطفل الذي كبح جماحه بالقوةسيعود الى مخالفة النظام كلما سنحت له الفرصة.
أما فيما يتعلق بمسألةالتقصير المدرسي والتخلف الدراسي:
هذه الظاهرة تعود الى عوامل اجتماعيةواسرية، والتقصير ليس مسؤولية الطفل وحده بل هو مسوولية الاسرة وظروفها ومسؤوليةالمدرسةذاتها. وفيكلالأحوال العقاب ليس حلاً.
انما المساعدة والتفهم والتشجيع ومعالجة الظروف المحيطة بالطفل هي الوسائلالتربوية التي بجب ان تعتمد كحلول موضوعية لهذه الاشكالية.
بعض الآباءوالمعلمين يرفعون لواء الديمقراطية بالحوار مع التلاميذ والأطفال، وعلى العكسمنذلك فإن بعض الآباء كبعضالمعلمين يمارسون اسلوب التسلط التربوي ويرفعون لواء التربيةالتقليدية،