ما هي الســــــدود؟
حاجز يقام على نهير أو نهر لتخزين الماء ورفع مستواه. وأكثر الأسباب شيوعا لبناء السدود هي: تركيز السقوط الطبيعي للمياه في موقع معين وبالتالي يصبح من الممكن توليد الكهرباء، وتوجيه المياه من الأنهار إلى القنوات ونظم الري وتوريد المياه، وزيادة أعماق النهر لأغراض ملاحية، والتحكم في تدفق النهر أثناء الفيضان والجفاف وإقامة بحيرات صناعية لأغراض ترفيهية. وهنالك الكثير من السدود التي تقوم بالعديد من هذه الوظائف.
ويؤثر التحكم في الماء واستخدامه عن طريق السدود تأثيرا عميقا على الإمكانات الاقتصادية لمناطق واسعة. فمن بين المراحل الأولى لتطوير أية دولة نامية اكتساب القدرة على استخدام السدود في توليد الطاقة والإنتاج الزراعي والوقاية من الفيضانات.
الســـدود القـــديمة
يعود تاريخ السدود إلى قرون بعيدة. فقد أقيم أول سد معروف منذ حوالي 4000 عام قبل الميلاد، وكان لتحويل مجرى نهر النيل في مصر من أجل إنشاء مدينة ممفيس. كما بنى البابليون سدودا كجزء من نظم الري بهدف تحويل بقاع غير منتجة إلى سهول خصبة قادرة على استيعاب عدد كبير من السكان. ولكن بسبب الفيضانات الدورية، فإن القليل جدا من السدود هي التي مازالت موجودة.
ولقد بنى الرومان سدودا في جميع مقاطعات إمبراطوريتهم. فشيدوا سدودا في سوريا وأفريقيا الشمالية وأسبانيا وإيطاليا. وغالبا ما كانت هذه السدود تبنى بحائطين حجريين مع فراغ فيما بينهما. وكان هذا الفراغ يملأ بمواد قليلة الكلفة كالتراب أو الحجارة الصغيرة المتنوعة.
وفي القرن الثامن قبل الميلاد بنى اليمنيون سدا في مأرب كان الأكثر شهرة عبر التاريخ. وبعد بنائه تمت زيادة ارتفاعه من أجل حبس مياه الفيضانات في الوادي لفترات طويلة، وذلك بهدف سقي المزيد من الأراضي بواسطة نظام قنوات ويمثل الوادي فيها القناة الرئيسية. وقد حصل الدمار النهائي للسد قبل ربع قرن تقريبا من مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي حين أن الري في اليمن كان يرتبط بسد واحد كبير، فإن الأنباط بنوا آلافا من السدود الصغيرة الهضبية. ويقع كل سد منها وراء الآخر على امتداد الوادي، وذلك بهدف حبس أو تحويل مجرى المياه التي تتدفق أسبوعا أو أسبوعين كل سنة. ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد وحتى بداية القرن الأول، طور أنباط جنوب فلسطين والأردن زراعة مزدهرة على أساس الري بواسطة الأودية.
وفي القرن الثالث الميلادي شيد الساسانيون الكثير من السدود في إيران، متأثرين إلى حد كبير بالسدود الرومانية. ففي عام 259م وقَع الامبراطور الروماني فاليريانوس مع جيشه المؤلف من سبعين ألف رجل في الأسر عند الفرس تحت حكم شاهبور لار. وقد تم إرسال الأسرى الرومان إلى العمل في تشييد سد نهر قارون. وقد بلغ طول هذا السد (520) مترا، مع نواة بناء بالحجارة الصغيرة الملتصقة بواسطة الملاط الهيدرولي. وكان جسمه مؤلفا من مجموعة كبيرة من الكتل الحجرية المرتكزة في أمكنتها بواسطة الملاط والكلاليب الحديدية المثبتة في الرصاص. وما زال هذا السد قائما حتى الآن.
وقد تم تشييد سدود أخرى لاحقا خلال فترة حكم الساسانيين، منها بشكل خاص سد الأهواز الذي كان طوله يزيد على (90) مترا وسمكه يبلغ حوالي (8) أمتار.